أيقونة الأمم المتحدةمرحبا بكم في الأمم المتحدة. أنها عالمكم!

* بالانكليزية

الرجاء ملاحظة أن جميع الملفات بصيغة الـ ‏PDF ‏ تفتح في نوافذ مستقلة

 

2015 هو أن العمل العالمي للناس وللكوكب

Youtube Twitter Facebook

بيان إخلاء المسؤولية: الأمم المتحدة ليست مسؤولة عن محتوى أي من الرسائل المنشورة على مواقع التواصل الإجتماعي المرتبطة بهذه الصفحة، ولا ينطوي إدراج أي من هذه الرسائل تأييد الأمم المتحدة لها.

مقطتف من تقرير الأمين العام تقرير الأمين العام عن أعمال المنظمة في دورة الجمعية العامة الحادية والستون متعلق بالأهداف الإنمائية للألفية

الأهداف الإنمائية للألفية والأهداف الإنمائية الأخرى المتفق عليها دوليا

عدم ادخار أي جهد: آمال الألفية

في إعلان الألفية الصادر في عام 2000 (قرار الجمعية العامة 55/2)، طرح زعماء العالم رؤية جديدة جسورة وجامعة من أجل صالح الإنسانية. وإذ تعهد الزعماء بتوجيه ثمار العولمة نحو إفادة جميع البشر، أعلنوا التزامهم بألا يدخروا ”أي جهد في سبيل تخليص بني الإنسان، رجالا ونساء وأطفالا، من ظروف الفقر المدقع المهينة واللاإنسانية“. ومنذ عام 2000، دأبت الأمم المتحدة، متضامنة مع أصوات مرموقة في قطاعات الحكومة والمجتمع المدني والأعمال التجارية والعلوم، على بث الروح في هذا الالتزام على نحو كان كثيرون قبل بضع سنوات فقط سيعتبرونه في حكم المستحيل. وكانت نتيجة ذلك حدوث زيادة هائلة في قدر الاهتمام العالمي بهذا السدس من البشرية الذي لا يزال يعيش بكامله تحت وطأة أفدح شكل من أشكال الفقر المدقع، أي بدخل يقل عن دولار واحد يوميا.

وهذا الزخم السياسي يتيح الفرصة للاعتماد على النجاحات الإنمائية الكبيرة التي حققها العالم مؤخرا. وكما يبرز المرفق الإحصائي لهذا التقرير في الفترة الممتدة من عام 1990 إلى عام 2002، انخفضت النسبة التي تعيش في فقر مدقع من سكان العالم النامي من 28 في المائة إلى 19 في المائة، وجاءت القوة الدافعة لذلك في معظمها من المكاسب التي تحققت في شرقي وجنوبي آسيا. وهبطت المعدلات المتوسطة لوفيات الأطفال في البلدان النامية من 95 حالة لكل 000 1 من المواليد الأحياء في عام 1990 إلى 79 حالة في عام 2004. وعلى مدى تلك الفترة ذاتها، توافرت لأكثر من 1.2 بليون من البشر إمكانية استعمال مرافق صحية محسنة. ومن عام 1991 إلى عام 2004، ازداد صافي متوسط النسب للالتحاق بالتعليم الابتدائي في المناطق النامية من 79 في المائة إلى 86 في المائة.

بيد أن هذا التقدم كان متفاوتا، ولا يزال الحرمان الإنساني مستمرا بمستويات مذهلة. ففي كل عام، يموت أكثر من 10 ملايين طفل قبل أن يبلغوا عامهم الخامس، بفعل أسباب معظمها يمكن توقيّه. واحتمال وفاة المرأة في العالم النامي خلال فترة الحمل والولادة يفوق في المتوسط مثيله في حالة المرأة في العالم المتقدم النمو بأكثر من 45 مرة. ولا يزال أكثر من 800 مليون من البشر يعانون من نقص التغذية بصورة مزمنة. ولا يزال نصف العالم النامي مفتقرا إلى المرافق الصحية، ولا يزال خُمسه مفتقرا إلى المياه المأمونة، بينما تتزايد باطراد أعداد المقيمين في مناطق فقيرة. كما أن البيئة التي يعتمد عليها الناس في اكتساب أرزاقهم تعاني من التدهور في جميع المناطق النامية. وقد أخفق العالم في بلوغ الهدف الدولي المتمثل في تحقيق التكافؤ بين الجنسين في التعليم بحلول عام 2005، ولا يزال وباء العنف ضد المرأة يمثل وصمة على جبين الإنسانية.

وقبل أن يصدر إعلان الألفية، عُززت الأسس اللازمة للتصدي لهذه التحديات عن طريق المؤتمرات الرئيسية واجتماعات القمة التي عقدت خلال فترة التسعينات. وفي المؤتمر الدولي لتمويل التنمية المعقود في عام 2002 في مونتيري في المكسيك، التزم زعماء العالم بإقامة شراكة عالمية جديدة من أجل تحقيق الأهداف الإنمائية المتفق عليها دوليا، بما فيها الأهداف الإنمائية للألفية. وأكد توافق آراء مونتيري من جديد تحمُّل كل بلد من البلدان للمسؤولية الأساسية عن تنميته الاقتصادية والاجتماعية عن طريق الحكم الرشيد وانتهاج سياسات تكفل الحشد التام للموارد المحلية. واتُّفق على أن تكون هذه الجهود الوطنية مدعومة بالالتزام من جانب البلدان المتقدمة النمو بتحسين إمكانيات الوصول إلى الأسواق الدولية، وتحقيق زيادة مطردة في فعالية المساعدة الإنمائية الرسمية وتدفقات رؤوس الأموال الخاصة وفي استقرار هذه المساعدة والتدفقات وإمكانية التنبؤ بها، وتحسين البنية الدولية بهدف منع الأزمات المالية ومعالجتها. وبغية تقديم مساهمة جوهرية في هذه العملية، تعهدت البلدان المتقدمة النمو أيضا ببذل جهود محددة من أجل تحقيق الهدف المتمثل في تخصيص 0.7 في المائة من الدخل القومي الإجمالي للمساعدة الإنمائية الرسمية والسعي إلى تدبير مصادر مبتكرة لتمويل التنمية. واتُّفق أيضا على أن تكون زيادة المسؤولية الوطنية مصحوبة بتعزيز صوت البلدان النامية وزيادة تمثيلها في عملية صنع القرارات الاقتصادية الدولية. وفي تلك السنة نفسها، في مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة المعقود في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، ركزت الدول الأعضاء على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وأضافت عنصر الشراكات بوصفه بُعدا رئيسيا جديدا في مجال تحقيق تلك الأهداف. وعزز مؤتمر القمة الأهداف الإنمائية للألفية بالموافقة على غايات معينة ومحددة زمنيا للتنمية المستدامة، بما في ذلك غايات خاصة من أجل أفريقيا.

وهناك عديد من البلدان النامية والمتقدمة النمو يضرب أمثلة ملهمة في قيادة المسيرة نحو تحقيق هذه الرؤية القائمة على الشراكة العالمية. بيد أن كثيرا منها، وإن كان يبذل قصاراه، لا يزال فقره يُعجزه عن تدبير الاستثمارات اللازمة للانعتاق من براثن الفقر المدقع. وهذه هي البلدان التي تحتاج إلى الدعم الدولي بأقصى قدر من الاستعجال إذا أردنا أن نفي بالآمال المعرب عنها في إعلان الألفية.

وقد حولت النقاشات السياسية العالمية التي دارت في الآونة الأخيرة مناط التركيز تحويلا صائبا، من المبادئ إلى التدابير العملية. وفي كانون الثاني/يناير 2005، قَدَّم إليّ مشروع الألفية تقريره المعنون ”الاستثمار في التنمية: خطة عملية لبلوغ الأهداف الإنمائية للألفية“، وأكد فيه على الحاجة إلى التدابير العملية وعلى الإمكانية العملية لإنجاز نجاح رئيسي. وقد تلقيتُ بالترحيب التحليلات والتوصيات التي خلص إليها مشروع الألفية. وفي آذار/مارس من ذلك العام، قدمتُ إلى الجمعية العامة تقريري المعنون ”في جو من الحرية أفسح: صوب تحقيق التنمية والأمن وحقوق الإنسان للجميع“، الذي يعرض رؤية استراتيجية للعمل الجماعي من أجل أن يتحرر الجميع من الفاقة، إلى جانب التحرر من الخوف وتحقيق الكرامة للجميع. وقد أكد هذان التقريران كلاهما على ضرورة تحقيق طفرة في العمل على جميع المستويات إذا أريد للتنفيذ أن يسير قدما بمعدل يتناسب مع الاحتياجات الإنمائية للبلدان. وهناك تقارير أخرى من إعداد الأمانة العامة، مثل تقرير الحالة الاجتماعية في العالم لعام 2005 ودراسة الحالة الاقتصادية والاجتماعية في العالم لعام 2006، ركزت على أوجه التفاوت المتنامية التي أخذت تبرز داخل البلدان وفيما بينها، والتي تجعل بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية أمرا محفوفا بالتحديات، ولكنها تجعل منه أيضا ضرورة لا بد منها.

2005 - عام الالتزامات

نظرا إلى أن عام 2005 هو أول محطة رئيسية لعملية المراجعة منذ انعقاد مؤتمر قمة الألفية، فإنه قد شهد عدداً من الالتزامات المهمة تجاه خطة عالمية للتنمية، ثم توّج بانعقاد مؤتمر القمة العالمي لعام 2005. وأكدت جميع الدول الأعضاء على الدور الحيوي الذي تؤديه المؤتمرات الرئيسية ومؤتمرات القمة التي تعقدها الأمم المتحدة في تشكيل رؤية إنمائية واسعة النطاق وفي تحديد أهداف متفق عليها بصفة مشتركة، وأكدت من جديد تأكيدا قويا على الأهداف الإنمائية للألفية بوصفها إطارا مشتركا متكاملا ومحددا تحديدا زمنيا وقابلا للقياس في مجال التعاون الإنمائي. وبالنسبة لمنظومة الأمم المتحدة، كان من المشجع للغاية رؤية هذه الأهداف وهي تكتسب في كل عام يمر زخما سياسيا جديدا. وتتوالى بحق مطالبات المواطنين في جميع أنحاء العالم لحكوماتهم بأن تواصل بمزيد من الجسارة السعي إلى تحقيق هذه الأهداف. ونتيجة لذلك، استعادت الجهود الإنمائية الدولية طموحها والتحمت في إطارها إمكانية النجاح مع شعور زائد بضرورة الاستعجال.

وفي مؤتمر القمة العالمي لعام 2005 (انظر قرار الجمعية العامة 60/1)، اتفقت الدول الأعضاء على إطار عملي لما سيُضطلع به من أعمال على مدى عقد كامل، حيث التزمت بإدماج الأهداف العالمية في العمليات المضطلع بها على المستوى القطري الذي تتخذ فيه القرارات التنفيذية والمتعلقة بالميزانية. وعلى وجه التحديد، اتفقت الدول الأعضاء على أن تعتمد، بحلول نهاية عام 2006، استراتيجيات وطنية شاملة لتحقيق الأهداف والغايات الإنمائية المتفق عليها دوليا، بما فيها الأهداف الإنمائية للألفية، على أن تدعمها الشراكة العالمية من أجل التنمية، المتفق عليها في مونتيري. والتزمت الدول الأعضاء أيضا بتنفيذ ”مبادرات سريعة التأثير“، بمعنى اتخاذ خطوات فورية يمكن أن تنقذ حياة الملايين من البشر وأن تحسِّن معيشتهم في غضون بضع سنوات فقط. وتشمل هذه المبادرات اتخاذ إجراءات لتوزيع الناموسيات الواقية من الملاريا مجانا، وإلغاء الرسوم التي يدفعها المستفيدون من خدمات التعليم الأساسي والصحة الأساسية، والتوسع في برامج الوجبات المدرسية باستخدام أغذية منتَجة محليا.

واتفق زعماء العالم كذلك على عدة غايات مهمة أخرى في مؤتمر القمة العالمي لعام 2005. ولذا فإني أوصي بإدراج هذه الالتزامات في مجموعة الغايات المستعملة في متابعة إعلان الألفية. ويشمل هذا ما يلي: إدراج الغاية الجديدة التالية في إطار هدف الألفية الإنمائي 1: جعل أهداف توفير العمالة المنتجة والعمل اللائق للجميع، بما في ذلك النساء والشباب، غاية رئيسية لسياساتنا الوطنية والدولية ذات الصلة واستراتيجياتنا الإنمائية الوطنية؛ وإدراج الغاية الجديدة التالية في إطار الهدف 5: تعميم إتاحة خدمات الصحة الإنجابية بحلول عام 2015؛ وإدراج الغاية الجديدة التالية في إطار الهدف 6: الاقتراب قدر الإمكان من إنجاز هدف تعميم إتاحة العلاج من فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز) بحلول عام 2010 لجميع مَن يحتاجونه؛ وإدراج الغاية الجديدة التالية في إطار الهدف 7: الحد بقدر ملموس من معدل فقدان التنوع الحيوي بحلول عام 2010. أما الغاية المدرجة حاليا في إطار هدف الألفية الإنمائي 8 بشأن توفير عمل لائق ومنتج للشباب، فستصبح مشمولة في الغاية الجديدة (في إطار الهدف 1). وسيضطلع فريق الخبراء المشترك بين الوكالات المعني بمؤشرات الأهداف الإنمائية للألفية بالأعمال الفنية اللازمة لاختيار المؤشرات المناسبة. وفي إطار هذه الأعمال، سيمكن للمنظومة أن تعتمد على الإعلان الوزاري بشأن توفير العمالة والعمل اللائق، الذي اعتُمد في دورة المجلس الاقتصادي والاجتماعي لعام 2006، والذي يدعو إلى وضع خطط للعمل مدتها 10 سنوات، ويُسند إلى المجلس دورا واضحا في رصد التقدم المحرز في تنفيذها.

ووفقا لما تم التأكيد عليه في مونتيري، لا يمكن لهذه الالتزامات أن تنفّذ إلا إذا كانت مدعومة بالتمويل الدولي الكافي، وهو مجال آخر من المجالات التي حدثت فيها طفرات في عام 2005. فقد أيدت المبادرة المتعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون إلغاء الديون المستحقة لمصرف التنمية الأفريقي وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي على البلدان التي تنجز المبادرة المعززة المتعلقة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون. ويُتوقع من هذا الإجراء لتخفيف عبء الديون، الذي تقارب قيمته الاسمية 50 بليون دولار، أن يوفر على البلدان المؤهلة للانتفاع به أكثر من بليون دولار سنويا من مدفوعات خدمة الديون على مدى العقد المقبل. ويمثل هذا الاتفاق تقدما لا لبس فيه، ويبرز الحاجة إلى تخفيف هذا العبء أيضا عن كاهل البلدان الأخرى المستحقة.

والأهم من ذلك بكثير من الناحية الكمية بالنسبة لتمويل التنمية أن 16 بلداً من البلدان الاثنين والعشرين الأعضاء في لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، إما بلغت حاليا الغاية المحددة للمساعدة الإنمائية الرسمية بنسبة 0.7 في المائة من الدخل القومي الإجمالي، أو وضعت جداول زمنية لتحقيق ذلك بحلول عام 2015. وفي أيار/مايو 2005، وافق كل بلد من بلدان لجنة المساعدة الإنمائية الخمسة عشر التي هي أعضاء في الاتحاد الأوروبي على بلوغ غاية دنيا نسبتها 0.51 في المائة من الدخل القومي الإجمالي بحلول عام 2010، وصولاً إلى نسبة 0.7 في المائة بحلول عام 2015. ومن الجدير بالإعجاب أن الدول الأعضاء التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي بعد عام 2002 جعلت غايتها بشأن المساعدة الإنمائية هي الوصول إلى نسبة 0.33 في المائة من الدخل القومي الإجمالي بحلول عام 2015. وعزّز مؤتمر قمة مجموعة الثمانية المعقود في غلين إيغلز بالمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية هذا الزخم بالاتفاق على زيادة مجموع المساعدة الإنمائية السنوية بمبلغ 50 بليون دولار بحلول عام 2010، مع توجيه نصف هذه الزيادة إلى أفريقيا. ويتزايد حاليا عدد البلدان التي بلغت الغاية المتمثلة في تخصيص نسبة تتراوح من 0.15 إلى 0.20 في المائة على الأقل من دخلها القومي الإجمالي لمساعدة أقل البلدان نموا، ومن ثمّ شهدت السنوات الأخيرة زيادة حادة في المساعدة الإنمائية الرسمية المقدمة إلى أقل البلدان نموا. وما برحت تُستكشف أيضا مصادر مبتكرة للتمويل، وتنفّذ حاليا مبادرات شتى في هذا الصدد.

عام 2006 - ترجمة الالتزامات إلى أعمال

إذا كان التاريخ سيحكم على عام 2005 على أساس ما طُرح فيه من آمال، فإن حكمه على عام 2006 لا بد أن يستند إلى ما شهده هذا العام على صعيد التنفيذ. فهل نحن على المسار الذي يجعل بوسعنا أن ننظر إلى الوراء، في عام 2015، ونقول إنه لم يُدّخر أي جهد؟ وفي الواقع أن السجل المحقق حتى الآن سجل متفاوت. فالكلمات التي انطلقت في عام 2005 لم تؤثر بعد تأثيرا مباشرا على حياة الفقراء الذين قُصد بهذه الكلمات أن يأتيهم العون. كما أنها لم تثمر على صعيد التنفيذ الطفرات اللازمة لبلوغ الأهداف الإنمائية للألفية. ولا تزال التحديات ضاغطة بأكبر قدر في أفريقيا، وخصوصا في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث لم يطرأ أي تغيير تقريبا منذ عام 1990 على نسبة السكان الذين يعيشون في فقر مدقع، بينما ازداد عددهم المطلق ازديادا هائلا.

بيد أن هناك قدرا من التقدم قد تحقق. فعلى سبيل المثال، تقيدت المبادرة المتعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون بجدول زمني دقيق في مسيرتها صوب الاكتمال؛ وتتسارع حاليا خُطى الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة الملاريا، مدعومة بزيادة في المساعدة المقدمة من الجهات المانحة؛ ويتجمع الزخم في الوقت الراهن لشن الثورة الخضراء الأفريقية المتفق عليها في مؤتمر القمة العالمي لعام 2005؛ كما أن الالتزامات العالمية المتعهَد بها مؤخرا قد ساعدت على ظهور مفاهيم جديدة لمضاعفة الاستثمارات من أجل معالجة الأولويات الإنمائية الأوسع نطاقا. وضماناً لأن يكون بمقدور الدول الأعضاء أن تلبي الأولويات الإنمائية لبلدانها، توجهتُ بالكتابة شخصيا في العام الماضي إلى جميع رؤساء الدول والحكومات عارضاً عليهم المساعدة والدعم من جانب الأمم المتحدة. ويسعدني أن أنوّه إلى أن الأفرقة القطرية التابعة للأمم المتحدة تقدم يــد المساعدة حاليا إلى عديد من البلدان في إعداد وتنفيذ استراتيجيات إنمائية وطنية مستندة إلى الأهداف الإنمائية للألفية.

وفي سياق وضع الأهداف الإنمائية للألفية موضع التطبيق، تتعاون الأمم المتحدة مع الحكومات وغيرها من الأطراف صاحبة المصلحة من أجل مساندة القرى المسمّاة ”قرى الألفية“ في جميع أنحاء أفريقيا. وقد بدأ هذا المشروع بقرية واحدة في ساوري، كينيا، في آب/أغسطس 2004، ثم امتد إلى 12 موقعاً في إثيوبيا وأوغندا وجمهورية تنـزانيا المتحدة ورواندا والسنغال وغانا وكينيا ومالي وملاوي ونيجيريا. وضمن مجموعة أخرى من النجاحات، تواصل هذه القرى حاليا تحويل نفسها من حالة الجوع المزمن التي كانت تعانيها إلى مضاعفة إنتاجها من المحاصيل إلى ثلاثة أمثال في غضون فترة قصيرة. وبفضل استعمال التكنولوجيا العلمية وفهم النطاقات الإيكولوجية - الزراعية في هذه المناطق، أصبح بإمكان أهالي هذه القرى حاليا بيع منتجاتهم في الأسواق القريبة.

وبفضل الجهود التي تبذلها منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وغيرهما، يجري حاليا إحراز تقدم في إبطاء انتشار الأمراض المعدية وتقديم المساعدة لمن يعانون منها. وتتزايد المعونات المقدمة في جميع أنحاء أفريقيا والمناطق الأخرى لتوفير الناموسيات المعالجَة بمبيدات الحشرات، التي يمكن أن تنقذ أرواح ما يصل إلى 20 في المائة من الأطفال الذين يمكن أن تقضي عليهم الملاريا. وتوجد قيد التنفيذ حاليا سياسات بشأن علاج الملاريا المركّب القائم على مادة الأرتيميسينين، مما يساعد على كبح مشكلة المقاومة للعلاجات السابقة للملاريا ويعين الكثيرين على التغلب على هذا المرض. وكادت تكتمل حملة كبيرة استهدفت القضاء على شلل الأطفال على مدى العقد الماضي، حيث لا يتجاوز عدد البلدان التي لا يزال يوجد فيها هذا المرض على مستوى وبائي أربعة بلدان. ويُرجح أن يمكن إيقاف انتقال هذا المرض في جميع أنحاء العالم بحلول نهاية عام 2006 مع إمكانية إعلان خلو العالم من شلل الأطفال بحلول نهاية عام 2010.

ويتضح التقدم المحرز على مسار تنفيذ السياسات على نطاق يمتد من الأعمال التي ينجزها المنتدى الدائم المعني بقضايا الشعوب الأصلية لكفالة الوصول بالسياسات الرامية إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية إلى الشعوب الأصلية، إلى ما يرجح أن يتم هذا العام من إبرام أول اتفاقية على الإطلاق بشأن تعزيز وحماية حقوق المعوقين وكرامتهم. وسيتناول الحوار الرفيع المستوى المقبل في إطار الجمعية العامة قضية أخرى من القضايا الرئيسية المنبثقة من مؤتمر القمة العالمي لعام 2005، هي كيفية إطلاق الطاقات الكبيرة التي تنطوي عليها الهجرة لتعزيز التنمية على مستوى العالم بأسره. وهذا يوفر للمنظمة فرصة فريدة تتيح لها دفع السياسات صوب تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي لصالح المهاجرين ولصالح بلدان المنشأ التي يجيئون منها وبلدان المقصد التي يذهبون إليها.

وهناك دور بالغ الأهمية يُتوخى من المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يضطلع به في مجال المتابعة والرصد المنهجيين لسير البرامج المختلفة. ويمكن للاستعراضات الوزارية السنوية أن تصبح الآلية الرئيسية لتعزيز المساءلة فيما يتعلق بالالتزامات الدولية إزاء الأهداف الإنمائية للألفية وغيرها من الأهداف الإنمائية المتفق عليها. وسيوفر المنتدى الرفيع المستوى للتعاون الإنمائي الذي ينعقد في إطار المجلس محفلا عالميا يمكن للجميع أن يناقشوا على ساحته قضايا السياسات الرئيسية التي تؤثر على التعاون الإنمائي بجميع أشكاله. وأنا على ثقة من أن المجلس سينهض لمواجهة هذا التحدي الجسيم.

وعلى الرغم من هذه المنجزات، لا يزال التقدم منقوصا إلى حد كبير. ومن أهم الأمور في هذا الصدد أن الالتزامات المالية الدولية لا تزال قاصرة من حيث التوقيت والكم والنوع عن بلوغ المستوى الكافي لتحقيق الأهداف الإنمائية المتفق عليها دوليا، بما فيها الأهداف الإنمائية للألفية. وكثير من الوعود الجديدة في هذا المجال سيستغرق تحقيقه سنوات، ومن ثم يصعب على البلدان المنخفضة الدخل أن تشرع في أي مضاعفة حقيقية للاستثمارات. وقد حقق إجمالي المساعدة الإنمائية الرسمية رقما قياسيا في عام 2005 قدره 106 بلايين دولار، بعد أن كان 69 بليون دولار في عام 2003، ولكن نسبة ضئيلة فقط من هذه الزيادة الإسمية هي التي مثلت بالفعل تمويلا إضافيا لدعم الاستثمارات الحقيقية على مستوى القاعدة في البلدان التي هي في أمسّ الحاجة إليها. وحتى التدابير المتعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون لا تحقق للبلدان المؤهلة للاستفادة منها منفعة فورية إلا بقدر ضئيل، حيث أن المنافع الناتجة عن هذه التدابير تأتي بعد حين، ويلزم من ثم تدبير تمويل إضافي لكفالة توافر موارد كافية لدى المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف لتمويل برامج مضاعفة الاستثمارات. لذا فإنه لا يزال مهما للغاية بالنسبة للبلدان المتقدمة النمو التي لم تضع بعد جدولا زمنيا لبلوغ المستوى المستهدف للمعونة، أي 0.7 في المائة، أن تُنجز ذلك في أقرب وقت ممكن. وعلاوة على ذلك، يلزم إجراء تحسين ضخم لآليات إيصال المعونة، بناء على إعلان باريس بشأن فعالية المعونة لعام 2005.

ومن التطورات الأخرى الباعثة على القلق تعليق مفاوضات جولة الدوحة الإنمائية المعقودة في إطار منظمة التجارة العالمية. فالبلدان النامية بحاجة إلى قدر أكبر من إمكانية الوصول إلى الأسواق ومن الدعم في مجال بناء القدرات كي تكتسب ما يكفي من القدرة التنافسية الطويلة الأجل لإدامة تنميتها الاقتصادية. وبعد المؤتمر الوزاري المعقود في هونغ كونغ بالصين في كانون الأول/ديسمبر 2005، الذي لم يتحقق فيه الاتفاق إلا في مجالات قليلة ولم ينتج عنه زخم إلا بقدر ضئيل، توقفت المحادثات في تموز/يوليه 2006. وفي الأشهر المقبلة، ستشتد الحاجة إلى التحلي بروح القيادة من جانب جميع الأطراف ولا سيما البلدان المتقدمة النمو، إذا أريد إنقاذ هذه المفاوضات. ومن المهم أيضا متابعة مبادرة المعونة مقابل التجارة التي تم إقرارها في هونغ كونغ.

ولا تقتصر وطأة التكاليف الناتجة عن التأخير وانعدام الفعل على المستوى المحلي وحده، بل تمتد لتشمل المستوى العالمي أيضا. ولا يلزم للمرء إلا أن ينظر إلى التحديات التي تطرحها الأمراض المستجدة مثل أنفلونزا الطيور لكي يدرك المصلحة العالمية المشتركة والعاجلة في دعم الخطوات الإنمائية العملية في جميع البلدان. ولا بد لنا من أن نعي طبيعة الأمانة العالمية التي نحن بصددها والخطر المتمثل في تبدد آمال البلدان النامية بلا رجعة إذا ثبت أن أكبر تحرك في التاريخ لمكافحة الفقر لم يكن كافيا للإقلاع عن أسلوب ”العمل كالمعتاد“. ويجب علينا ونحن نتقدم في مسيرة التنفيذ في عام 2006 وما يليه ألا ندخر أيضا أي جهد في هذا الصدد.

انقر هنا للاطلاع على الوثيقة كاملة