الجمعية العامة

نظرت الجمعية العامة لأول مرة في سيادة القانون في مؤتمرها العالمي لحقوق الإنسان الذي عُقد في فيينا عام 1993. وعقب مؤتمر فيينا العالمي وإنشاء المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ناقشت اللجنة الثالثة للجمعية العامة، المسؤولة عن معظم أعمال الجمعية العامة المتعلقة بحقوق الإنسان، واعتمدت سنويا قرارات بشأن تعزيز دور سيادة القانون حتى عام 2002.
وقد حققت اللجنة الثالثة وهيئات الأمم المتحدة المكرسة لحقوق الإنسان (لجنة حقوق الإنسان حتى عام 2005 ومن عام 2006 وما بعده مجلس حقوق الإنسان) إنجازات هامة في وضع الإطار التشريعي الدولي والجوانب المحددة لسيادة القانون. وتواصل اللجنة الثالثة النظر بانتظام في سيادة القانون في سياق إقامة العدل، وحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا، وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، وإصلاح مؤسسات العدالة الجنائية.
وفي عام 2005، حدد زعماء العالم المجتمعون في مؤتمر القمة العالمي للأمم المتحدة سيادة القانون بوصفها أحد المجالات الرئيسية الأربعة التي تتطلب قدرا أكبر من الاهتمام. وفي الوثيقة الختامية، أقروا بالاجماع بضرورة “تقيد الجميع بسيادة القانون ووضعه موضع التنفيذ على الصعيدين الوطني والدولي على حد سواء” وأكدوا مجددا التزام الدول الأعضاء “بنظام دولي قائم على سيادة القانون والقانون الدولي”. وقررت الدول الأعضاء إنشاء وحدة داخل الأمانة العامة للمساعدة في إرساء دعائم سيادة القانون لدعم أنشطة الأمم المتحدة الرامية إلى تعزيز سيادة القانون.
وعقب صدور الوثيقة الختامية لمؤتمر القمة العالمي، أحيل بند جديد في جدول الأعمال، سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي، إلى اللجنة السادسة (القانونية) التابعة للجمعية العامة. وناقشت الجمعية العامة بعد ذلك سيادة القانون سنويا واعتمدت قرارات سنوية (61/39، و 62/70، و 63/128، و 64/116، و 65/32، و 66/ 102، و 67/1، و 67/97، و 68/116، و 69/123). وكانت اللجنة السادسة تختار عادة موضوعا فرعيا لمناقشته. وفي إطار بند جدول الأعمال المعنون سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي، نظرت اللجنة في تعزيز سيادة القانون على الصعيد الدولي (الدورة الرابعة والستون)، وقوانين وممارسات الدول الأعضاء في تنفيذ القانون الدولي (الدورة الخامسة والستون)، وسيادة القانون والعدالة الانتقالية في حالات النزاع وما بعد النزاع (الدورة السادسة والستون) والتسوية السلمية للمنازعات (الدورة الثامنة والستون)، وتبادل الممارسات الوطنية للدولة في تعزيز سيادة القانون من خلال الاحتكام إلى القضاء (الدورة التاسعة والستون)، ودور عمليات وضع المعاهدات المتعددة الأطراف في تعزيز سيادة القانون والنهوض بها (الدورة السبعون).
وبالإضافة إلى اللجنة السادسة، تناولت عدة لجان وهيئات فرعية أخرى تابعة للجمعية العامة جوانب محددة من سيادة القانون. وعلى سبيل المثال، نظرت الجلسات العامة للجمعية العامة واللجنة الثانية (القضايا الاقتصادية والمالية) في التمكين القانوني للفقراء وتفاوضت بشأن القرارات المتعلقة بذلك من عام 2007 إلى عام 2009. وتفاوضت اللجنة الثالثة (القضايا الاجتماعية، والإنسانية والثقافية) بشأن القرارات المتعلقة بسيادة القانون والعدالة الجنائية في الدورتين السابعة والستين والثامنة والستين. وقدمت اللجنة الخاصة المعنية بعمليات حفظ السلام (في إطار اللجنة الرابعة) إرشادات وتوصيات للمنظمة فيما يتعلق بعملها في مجال سيادة القانون في سياق عمليات حفظ السلام، وصاغت توصياتها بنظرة شاملة على سيادة القانون في سياق حفظ السلام وبناء السلام.
واحتلت سيادة القانون أيضا مكانة بارزة في نظر الجمعية العامة لمواضيع أخرى، مثل المسؤولية عن الحماية ومكافحة الإرهاب.

مجلس الأمن

استخدم مجلس الأمن لأول مرة مفهوم “سيادة القانون” في عام 1996 في القرار 1040 الذي أعرب فيه عن دعمه لجهود الأمين العام الرامية إلى تعزيز “المصالحة الوطنية، والديمقراطية، والأمن وسيادة القانون” في بوروندي.

وفي عام 2000، حث الإبراهيمي بقوة في تقريره الفعال بشأن حفظ السلام على وضع نموذج جديد فيما يتعلق بحفظ السلام وبناء السلام، مؤكدا الدور الهام لسيادة القانون. ومنذ ذلك الحين، كلَّف المجلس بدعم سيادة القانون في كثير من عمليات حفظ السلام والبعثات السياسية الخاصة. ويوجد حاليا 19 تكليفا ببعثات من مجلس الأمن تشمل توطيد سيادة القانون.

وفي معظم عمليات حفظ السلام والبعثات السياسية الخاصة تمثل دور الأمم المتحدة في تقديم الدعم للسلطات الوطنية للشرطة، والعدالة والإصلاحيات، وتنسيق المساعدة الدولية في هذه المجالات. ومع ذلك، في حالتين، كوسوفو وتيمور – ليشتي، كانت الأمم المتحدة تتحمل المسؤولية مباشرة عن إقامة العدل، بما في ذلك مراقبة الشرطة ودوائر السجون. وفي الآونة الأخيرة، في القرار 2149 (2014) بشأن جمهورية أفريقيا الوسطى، بالإضافة إلى ولاية مساعدة سيادة القانون المناطة ببعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى، كلَّف مجلس الأمن باتخاذ “تدابير مؤقتة عاجلة” من أجل صون القانون الأساسي والنظام بناء على طلب حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى (S/RES/2149 (2014).

وقد أدمجت أيضا سيادة القانون في قرارات المجلس المواضيعية والبيانات الرئاسية. وأجرى المجلس مناقشته المواضيعية الأولى بشأن سيادة القانون في عام 2003. وكلف البيان الرئاسي الناتج الأمين العام بتقديم تقرير عن سيادة القانون والعدالة الانتقالية في مجتمعات النزاع وما بعد النزاع. وأصبح هذا التقرير أساسيا لنظر المجلس في سيادة القانون، بما في ذلك، على سبيل المثال، تعريف الأمين العام لسيادة القانون لأغراض الأمم المتحدة. وناقش مجلس الأمن كذلك “تعزيز ودعم سيادة القانون في صون السلام والأمن الدوليين” في الأعوام 2006، و 2010، و 2011، و 2012 و2014. وفي القرارات والبيانات الرئاسية الناتجة، ركز المجلس على فيض من قضايا سيادة القانون، بما في ذلك حماية المدنيين، وحفظ السلام والعدالة الجنائية الدولية. وفي شباط/فبراير 2014، أكد من جديد البيان الرئاسي (S/PRST/2014/5) استمرار الإقرار بضرورة التزام الجميع بسيادة القانون وبإعمالها. وأكد أيضا أن تحقيق السلام المستدام يستلزم اتباع نهج متكامل قائم على الترابط بين الأنشطة السياسية، والأمن، والتنمية، وحقوق الإنسان، بما في ذلك المساواة بين الجنسين، وأنشطة سيادة القانون والعدالة.

وبالإضافة إلى المناقشات المواضيعية المكرسة لسيادة القانون، جرى الاعتراف بشكل بارز بأهمية استعادة سيادة القانون وتوطيدها في مناقشات مواضيعية ووثائق ختامية أخرى لمجلس الأمن، وعلى سبيل المثال بشأن الأطفال والنزاع المسلح، وبشأن حماية المدنيين وبشأن المرأة والسلام والأمن.

وكان مجلس الأمن محوريا أيضا لتوطيد سيادة القانون بتعزيز المساءلة فيما يتعلق بأخطر الجرائم الدولية. ومتصرفا بموجب الفصل السابع من الميثاق، أنشأ مجلس الأمن المحكمتين الجنائيتين الدوليتين ليوغوسلافيا السابقة ورواندا، حيث خلص إلى أن المساءلة ضرورية لصون السلم والأمن الدوليين.

وفي حين انتقل الآن مركز ثقل جهود المساءلة إلى المحكمة الجنائية الدولية، يؤدي مجلس الأمن دورا هاما في التحرك نحو تطبيق مبدأ المساءلة فيما يتعلق بالجرائم الدولية الخطيرة، وفيما يتعلق بإبراز صلتها بالسلم والأمن الدوليين. وتسمح المادة 16 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأن يحيل مجلس الأمن حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية، بموجب الفصل السابع من الميثاق. وجرت ممارسة ذلك فيما يتعلق بالحالة في دارفور وفي ليبيا.

المجلس الاقتصادي والاجتماعي

في إعلان الاجتماع الرفيع المستوى المعني بسيادة القانون، أقرت الدول الأعضاء بالمساهمة الإيجابية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في توطيد سيادة القانون، والسعي إلى القضاء على الفقر وتعزيز الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة. والمجلس الاقتصادي والاجتماعي مكلف بتقييم التقدم المحرز في تحقيق الأهداف الإنمائية، ويؤدي دورا رئيسيا في الأعمال التحضيرية، ورصد وتنفيذ الخطة الإنمائية لما بعد عام 2015 التي تتضمن قضايا التنمية ذات الصلة بسيادة القانون. وقد أنشأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية في عام 1992، بوصفها واحدة من لجانه الفنية. وتعمل اللجنة بوصفها هيئة رئيسية تابعة للأمم المتحدة لصنع السياسة في ميدان منع الجريمة والعدالة الجنائية. وتشمل ولايتها تحسين العمل الدولي لمكافحة الجريمة الوطنية وعبر الوطنية وكفاءة وعدالة نظم إقامة العدالة الجنائية. وتنسق اللجنة مع هيئات الأمم المتحدة الأخرى التي لديها ولايات محددة في مجالي منع الجريمة والعدالة الجنائية، وهي الهيئة التحضيرية لمؤتمرات الأمم المتحدة لمنع الجريمة. وتوفر اللجنة أيضا للدول الأعضاء محفلا لتبادل الدراية الفنية، والخبرة والمعلومات لوضع الاستراتيجيات الوطنية والدولية، ولتحديد الأولويات لمكافحة الجريمة. ومنذ عام 2006، تعمل اللجنة أيضا بوصفها مجلس إدارة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

 مجلس حقوق الإنسان

عمِل مجلس حقوق الإنسان بنشاط على النهوض بسيادة القانون. واتخذ المجلس مجموعة قرارات تتعلق مباشرة بحقوق الإنسان وسيادة القانون، منها قرارات بشأن إقامة العدل، وبشأن نزاهة النظام القضائي، وبشأن حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون. وأنشأ مجلس حقوق الإنسان العديد من آليات الإجراءات الخاصة ذات الصلة المباشرة بسيادة القانون، مثل المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، والمقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار، والخبير المستقل المعني بإقامة نظام دولي ديمقراطي ومنصف، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب.