موضوع الدورة العادية الـ78 هو ❞إعادة بناء الثقة وإحياء شعلة التضامن العالمي: تسريع وتيرة العمل بشأن خطة عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة الواردة فيها من أجل تحقيق السلام والرخاء والتقدم والاستدامة للجميع❞.
وافتُتحت الدورة في يوم الثلاثاء 5 أيلول/سبتمبر 2023

انتخابه رئيسا للدورة العادية الـ78 للجمعية العامة

السفير دينيس فرانسيس
السفير دينيس فرانسيس متحدثا إلى الصحافة بُعيد انتخابه رئيسا للدورة العادية الـ78 للجمعية العامة. ©الأمم المتحدة/Manuel Elías

اُنتخب السفير دينيس فرانسيس، الممثل الدائم لترينيداد وتوباغو لدى الأمم المتحدة، رئيسا للدورةالعادية الـ78 للجمعية العامة. وجرت الانتخابات في مقر الأمم المتحدة بنيويورك في 1 حزيران/يونيه 2023.

وكانت الجمعية العامة قررت — في قرارها 323/71 ذي الصلة ببند تنشيط أعمال الجمعية العامة — أن يقدم المرشحون لرئاسة الجمعية العامة رؤاهم، فضلا عن إجراء حوارات تفاعلية غير رسمية مع الدول الأعضاء، بُغية تعزيز الشفافية والشمولية للعملية.

وفي أثناء حوار تفاعلي غير رسمي عُقد في 12 أيار/مايو 2023، قدم المرشح لمنصب رئيس الجمعية العامة الـ78 بيان رؤيته وأجاب عن أسئلة الدول الأعضاء وممثلي المجتمع المدني والكيانات ذات المصلحة.

فيديوهات

المناقشة التفاعلية غير الرسمية
(12 آيار/مايو 2023 — 3 ساعات)

الجلسة الانتخابية
(1 حزيران/يونيه 2023 — 68 دقيقة)

 

السيرة الذاتية

 

السفير دينيس فرانسيس، الممثل الدائم لترينيداد وتوباغو لدى الأمم المتحدة

الرئيس المُنتخب للدورة العادية الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة
السفير دينيس فرانسيس
©الأمم المتحدة/Mark Garten

عمل السفير دينيس فرانسيس على مدى 40 عاما تقريبا في السلك الدبلوماسي لترينيداد وتوباغو. ولمدة 18 عاما من سنوات الخدمة المتواصلة تلك، كان برتبة سفير إلى أن أحيل على التقاعد في عام 2016. ويقول السيد فرانسيس إن له الشرف بأن يكون السفير الأطول خدمة في بلاده. وقبل ترك منصبه كمدير للعلاقات المتعددة الأطراف، عمل بصفته كبير مستشاري وزير الخارجية في جميع المسائل المتعددة الأطراف، بما في ذلك تغير المناخ والمفاوضات بشأن خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

وفي عام 2011، أعيد السفير فرانسيس إلى بورت أوف سبين، مختتما بذلك مهمته كممثل دائم لترينيداد وتوباغو لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، وكممثل دائم لدى منظمة التجارة العالمية ومجلس حقوق الإنسان. واعتمد في ذات الوقت لدى الوكالات المتخصصة التابعة لمنظومة الأمم المتحدة في فيينا وروما، إلى جانب اعتماده الثنائي سفيرا لدى النمسا وإيطاليا. وعين السفير فرانسيس مندوبا دائما لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).

وفي عام 2010، خلال فترة تجددت فيها المشاركة في المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف، انتخب السفير فرانسيس لشغل منصب حساس هو منصب رئيس فريق التفاوض التابع لمنظمة التجارة العالمية المعني بالقواعد، الذي يغطي مسائل مكافحة الإغراق، والإعانات والتدابير التعويضية، بما في ذلك إعانات مصائد الأسماك. وشغل أيضا منصب رئيس اللجنة المعنية بجوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة في الدورة العادية، وكذلك منصب رئيس مجموعة الكومنولث للبلدان النامية (2007-2008).

وترأس العديد من الوفود الوطنية، بما في ذلك إلى الاستعراض الدوري الشامل الأول لترينيداد وتوباغو في مجلس حقوق الإنسان في تشرين الأول/أكتوبر 2011 وإلى الدورة الثانية عشرة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، التي عقدت في أكرا، غانا، في عام 2008.

وجاء تعيين السفير فرانسيس في جنيف في عام 2006 بعد فترة عمل دامت سبع سنوات بصفته المفوض السامي لترينيداد وتوباغو لدى جامايكا والممثل الدائم لترينيداد وتوباغو لدى السلطة الدولية لقاع البحار. وخلال تلك الفترة، اعتمد السفير فرانسيس سفيرا (غير مقيم) لدى كوبا والجمهورية الدومينيكية وهايتي. وعندما ترك منصبه في جامايكا، شغل منصب عميد السلك الدبلوماسي لمدة عامين تقريبا. وأبدى السفير فرانسيس اهتماما نشطا بالمسائل المعروضة على السلطة الدولية لقاع البحار، ما أفضى إلى انتخابه لرئاسة جمعية السلطة الدولية لقاع البحار في عام 2003.

وفي تموز/يوليه 2021، أكمل فترة تعيين مدتها ثلاث سنوات بصفته رئيسا للجنة الوطنية لليونسكو في ترينيداد وتوباغو.

وشارك السفير فرانسيس في تيسير دورة تدريبية بعنوان ”المراسم والدبلوماسية: دليل للمهنيين المعاصرين“ في الأكاديمية الدبلوماسية لمنطقة البحر الكاريبي. وبصفته المستشار الفني الرئيسي لوزير الخارجية، شارك عن كثب في عملية وضع تصور لتلك المؤسسة. وفي عام 2018، شارك السفير فرانسيس في تأليف كتاب بعنوان رؤساء البعثات: دليل، حَظِيَ بإشادة إقليمية ودولية. وفي عام 2020، عاد السفير فرانسيس إلى جامعته الأم، جامعة جزر الهند الغربية، ليعمل بها باحثا زائرا في معهد العلاقات الدولية، بحرم سانت أوغسطين. وهو خريج كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز في واشنطن العاصمة (1985).

والسفير فرانسيس متزوج من صديقته المقربة، جوي توماس - فرانسيس، ولديهما ثلاثة أبناء بالغين.

***

تحميل ملف معد للطباعة من السيرة الذاتية PDF

 

بيان الرؤية

”السلام والازدهار والتقدم والاستدامة“

 

مقدمة

 

أشعر بالاعتزاز، وبالتواضع في الوقت نفسه، لقبول تسمية حكومة جمهورية ترينيداد وتوباغو لي مرشحا لها لمنصب رئيس الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وإنه لشرف خاص لي أن أحظى بتأييد سياسي من مجموعتي الإقليمية، مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وإني أقدر تقديرا عميقا استحسان هذه المجموعة وسوف أعمل بجد على تشريفها.

وأوجه انتباهي الآن إلى كسب ثقة الأعضاء على نطاق واسع ودعمهم بانتخابي رئيسا لهم خلال الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة. ولتلك الغاية، ألتزم بالاضطلاع بمسؤوليات منصب الرئيس بنشاط وتفان من أجل تلك القيمة العزيزة، وهي تعددية الأطراف، التي توحدنا جميعا إلى حد كبير، حتى وإن لم نتفق دائما على الطريق الذي سيوصلنا إلى مقصدنا النهائي. وتكمن فرادة تعددية الأطراف في الآفاق الأرحب والمزايا الأفضل التي تتيحها لنا للتوصل إلى توافق الآراء العالمي اللازم للتصدي للتحديات العالمية المعقدة، وحلها في كثير من الأحيان. ومجابهة تلك التحديات تتجاوز كثيرا قدرة العمل السيادي الانفرادي.

وقد شكك الكثيرون في جدوى تعددية الأطراف وقدرتها على تحقيق نتائج حقيقية لإحداث تغيير في حياة الناس حيثما تكون أكثر أهمية، أي على أرض الواقع. ومع ذلك، فإننا نظل نعود إلى تعددية الأطراف، على الرغم من الإحباطات التي كثيرا ما نشهدها، بسبب طبيعة العملية نفسها. وتعددية الأطراف في الأمم المتحدة، بوصفها عملية يقودها الأعضاء وتولي احتراما وقيمة متساويين لكل دولة من الدول الأعضاء الـ 193، فريدة حقا. فلتلك التعددية قدرة عجيبة تجعل أنه عندما يكون هناك تحد لإيجاد حلول عملية، تعكس النتيجة أكثر من مجرد موقف تلك الدول الأعضاء الـ 193.

وهذا هو نوع تعددية الأطراف الذي نحن في أمس الحاجة إليه الآن لإشعال جذوة الخيال، والتعرف على الإمكانيات واغتنامها وتحويلها إلى فرص، والتفكير والعمل بمعزل عن القيود الضيقة التي يحتمل أن تشل الحركة التي تحكمها المصلحة الوطنية، بوصفنا مواطنين عالميين يحمون مشاعاتهم العالمية من ضرر وتفكك واختلال لا يمكن تداركها. وعلينا أن ندرك أنه في بعض الأحيان تتطلب حتى المصلحة الذاتية المستنيرة التعاون والتنسيق مع الآخرين من أجل القضاء على التهديدات المشتركة الاستثنائية التي قد تكون ذات عواقب غير عادية بحيث تشكل مصلحة حيوية.

قد أظهرت الأدلة العلمية وكذلك أدلتنا التجريبية الآثار السلبية لتغير المناخ، وأبرزت التهديدات الوجودية ليس فقط لحياتنا وسبل عيشنا، ولكن أيضا للنظم الإيكولوجية الكوكبية وبالتالي لقدرة الحضارة الإنسانية على الاستمرار في الوجود على هذا الكوكب. وعلى الرغم من كل ذلك، لم نتمكن على مدى كل هذه السنوات من حشد ”الإرادة“، حتى في مواجهة خسائر طالت البنية التحتية وأضرار لحقت بالممتلكات ببلايين الدولارات، لاتخاذ إجراءات حاسمة وموحدة، كمجتمع يكافح تهديدا مشتركا ومتفاقما، لإنقاذ أنفسنا وحضارتنا.

من الواضح أن موقف الإنكار أو التسويف ليس ذا مصداقية، لأن تأخير العمل المناخي سيفرض علينا جميعا تكاليف إضافية كبيرة غير متوقعة. وليس أمامنا أساسا من خيار سوى التعاون بحكمة في مواجهة واقعنا الحالي وتحويله، واعتماد صيغ تتيح لنا أفضل الفرص للتغلب على التحديات المطروحة، أو على الأقل، تخفيف أثرها على حياتنا اليومية وسبل عيشنا وحياة وسبل عيش مجتمعات بأكملها، بينما لا يزال الوقت يسمح بذلك. وهذا اختبار لعصرنا. فهل سنحشد القوة والشجاعة لاتخاذ قرارات تحويلية جريئة تنم عن بعد النظر، لها آثار ترسخ أسس السلام والازدهار والتقدم واستدامة الكوكب؟ أم أننا سنسمح للجغرافيا السياسية بإفساد رأينا بحيث نتقاعس عن التحرك بوازع أبسط الغرائز البشرية والسياسية، أي البقاء على قيد الحياة، واتخاذ إجراءات حاسمة للحفاظ على مستقبل هذا الكوكب كموطننا الطبيعي.

وأرى أن العناصر التالية هي من العناصر الرئيسية للرئاسة الفعالة: التشاور المفتوح والواسع النطاق، والقدرة الشديدة على الإنصات، والشفافية في صنع القرار، والإنصاف، والموضوعية، والاستقلالية، والاتصال الواضح والفعال مع الأعضاء ومع الأطراف الثالثة، والبقاء على نفس المسافة من جميع الأطراف المتفاوضة، والالتزام بأعلى المعايير والمبادئ الأخلاقية، واستعداد معين لتحمل المخاطر، مع التخفيف منها بأكثر من جرعة صغيرة من الواقعية. وعند وضع تصور لفحوى رئاستي، اخترت ”السلام والازدهار والتقدم والاستدامة“ باعتبارها شعاراتي الأربعة، وذلك أساسا لأنها تشكل الأهداف الأربعة العليا المحددة أمام المجتمع الدولي في هذا المنعطف - الأهداف التي من شأن تحقيقها بنجاح أن يوقف إلى حد كبير المسار الحالي لخيبة الأمل الذي يبدو أننا نسير فيه، ويفتح بالتالي إمكانيات عالم من الفرص التي لا حدود لها، حيث تعيش الأمم والشعوب في وئام مع بعضها البعض وفي وئام مع الطبيعة.

 

السلام

إن التعقيدات العديدة التي يواجهها المجتمع الدولي فيما يتعلق بالسلام والأمن قد تحولت إلى نزاعات هجينة، أدت إلى تفاقم التحديات في بيئة عالمية هشة أصلا. وفي أنحاء من العالم، بلغت فيها التوترات الجغرافية السياسية مستويات تشهد على حالات من عدم الاستقرار المفزع، يوجد نقص كبير في الثقة بين أصحاب المصلحة. وفي مسارح عمليات معينة، يجري يوميا تأجيج التوترات النووية. فالسلام نفتقده في الخارج كما نفتقده في الداخل، إذ تتأجج النزاعات الداخلية، وتطلق العنان في كثير من الأحيان لمعاناة ومشاق واسعة النطاق في سياق النزوح البشري الواسع النطاق. ولعكس هذا المسار الحالي، يجب أن ترتكز ردودنا على تعددية أطراف أكثر قوة، والأهم من ذلك، يجب أن تركز على الناس بدرجة أكبر.

وكجزء من مجتمع من الدول مبني على مفهوم الأمن الجماعي، ينبغي أن نطمح إلى العمل معا لضمان الشمول وكفالة أن تسمع جميع الأصوات، سواء كانت كبيرة أم صغيرة أو قوية أم لا. إن التخلي عن الأمن الجماعي أو التنصل منه سيجعل العالم أقل أمانا وأمنا بإشعال سباق تسلح بكثافة لم تشهد قط من قبل، إذ تسعى فرادى البلدان إلى بناء قدرتها الدفاعية لمواجهة أي تهديد محتمل. ولذلك، من الأهمية بمكان أن نتمسك بمبادئ وقيم ميثاق الأمم المتحدة وأن نفي بتعهده للأجيال المقبلة.

ويعد اتخاذ الجمعية العامة، خلال دورتها السادسة والسبعين، القرار 76/262، الذي قررت فيه الجمعية أنه ينبغي مطالبة أي عضو دائم في مجلس الأمن يستخدم حق النقض بشكل استباقي وتعسفي للتصويت برفض قرار يدعو المجلس إلى اتخاذ إجراء إنساني عاجل أو القيام بتدخل إنساني عاجل أن يشرح سلوكه للجمعية في سياق دورة استثنائية طارئة تعقد صراحة لذلك الغرض، خطوة هامة إلى الأمام في إضفاء درجة من الشفافية على قرار اللجوء إلى حق النقض. وباعتباره آلية للشفافية، فإن هذا الأمر ابتكار مرحب به.

ومع ذلك، فإن المشاكل المستمرة في أداء مجلس الأمن؛ وتأثير الاعتبارات الجيوسياسية على دوره، بما يؤدي إلى أسئلة مفتوحة حول قدرته على تنفيذ ولايته؛ وقدرة الرئيس الحالي على تنسيق إحباط إرادة أغلبية أعضاء المجلس، كلها تشير إلى ضرورة إجراء إصلاح موضوعي للمجلس، في إطار إصلاح أوسع للأمم المتحدة. وهذا الحوار جار، وبينما اتخذت بعض الخطوات الأولية لتوفير مزيد من الوضوح بشأن آراء الأعضاء في سياق ”المشاورات غير الرسمية“، فإننا لا نزال بعيدين بعض الشيء عن الدخول في مرحلة التفاوض الرسمية، التي ستكون شاقة بالتأكيد. ومع ذلك، هناك قبول واسع النطاق بين أعضاء الأمم المتحدة بأن المجلس ينبغي أن يكون أكثر تمثيلا في سياق الواقع الحالي للسياسة الدولية وأنه ينبغي جعله مناسبا للغرض.

ويجب أن نعترف بأن حالة السلام ليست بالضرورة هي نفسها حالة غياب الحرب. فالسلام يتطلب التزاما شاملا، بما في ذلك من جانب المتنازعين المحتملين. ويتطلب رعاية مستمرة، حتى في الأوقات التي لا توجد فيها أعمال عدائية، لأنه في أوقات السلم تتحدى الروح البشرية نفسها لخلق آفاق وإمكانيات جديدة، في واقع الأمر، للارتقاء إلى قمم جديدة. والسلام هو شرط أو معيار طموح مرغوب فيه عالميا ينتج الاستقرار ويبعث على الثقة - الثقة كسماد للنمو الاقتصادي والازدهار. ولذلك فإن الازدهار والسلام مرتبطان ارتباطا لا ينفصم، ونحتاج بالتالي إلى مواصلة الاستثمار في السلام، لأنه هو الركيزة الأساسية للمجتمعات الحديثة والمستقرة والمنتجة والمزدهرة.

والنتيجة الطبيعية - التي مؤداها أن عدم الاستقرار والنزاع والحرب تجعل التنمية الاقتصادية والاجتماعية رهينة، وتحرم الناس ليس فقط من الضروريات الأساسية للحياة، ولكن أيضا من سبل الراحة التي يتم التمتع بها في سياق الأمن والأمان - صحيحة أيضا. ولا يمكن للسلام أن يزدهر في خضم الحرمان والتهميش الاجتماعيين والاقتصاديين، وسيظل مهددا دوما إلى أن يتم التصدي بشكل هادف ومستدام يرضي المضطهدين لعدم المساواة والتمييز والفقر والجوع والافتقار إلى سبل الحصول على الرعاية الصحية المناسبة. وعلاوة على ذلك، لا يمكن ضمان السلام في الأجل الطويل بقوة السلاح وحدها.

ولذلك، يجب على الجمعية العامة أن تسعى إلى اتخاذ مبادرات جديدة تجدد بها داخلنا، بوصفنا بشرا، ومناصرين للسلام وعناصر فاعلة لإحلال السلام على حد سواء، تلك الروح الفريدة للمصالحة والأخوة التي توصي بخيار الحوار والتفاوض وتدعمه بدلا من الصراع والحرب. والواقع هو أنه من طبيعة الحرب ذاتها ضمان أنه حتى في حالة النصر، يخسر المنتصر بشكل كبير.

ولذلك، فإن من واجبنا، في سياق تعزيز ميثاق الأمم المتحدة والدفاع عنه، بوصفنا مؤيدين لمبادئه، أن نشجع تسوية المنازعات بالوسائل السلمية وندعو إليها، وبالتالي أن ننبذ القوة أو التهديد باستخدامها كوسيلة مشروعة لحل النزاعات. وهذه من بين أهم المبادئ الأساسية لتعددية الأطراف، وكلما وأينما نحيت جانبا أو انتهكت، يجب على الجمعية العامة أن ترفض بشدة المواجهة العسكرية وغيرها من أشكال الحرب الحديثة، لأنها تشكل تهديدات حقيقية للنظام المتعدد الأطراف نفسه وللسلم والأمن الدوليين.

 

الازدهار

لقد فرضت الآثار المتفشية لجائحة مرض فيروس كورونا (كوفيد-19) وتغير المناخ وعدم الاستقرار العالمي ضغطا غير عادي على اقتصاداتنا ومجتمعاتنا وكانت لها عواقب مثيرة للقلق على الناس في جميع أنحاء العالم، وخاصة أفقر الفقراء وأكثر الناس ضعفا. ومع إطالة أمد هذه الأزمات، يزداد الفقر سوءا وتتسع دائرة عدم المساواة في جميع أنحاء العالم.

ونحن بحاجة إلى العمل، الآن أكثر من أي وقت مضى، للوصول إلى منهم أكثر تخلفا عن الركب ومساعدتهم، لا سيما في البلدان التي تواجه أوضاعا خاصة. وسيتيح التنفيذ الكامل والفعال لبرنامج عمل الدوحة لصالح أقل البلدان نموا، إلى جانب المؤتمر الدولي الثالث المقبل المعني بالبلدان النامية غير الساحلية والمؤتمر الدولي الرابع المعني بالدول الجزرية الصغيرة النامية، المقرر عقدهما في عام 2024، فرصا حاسمة لزيادة الاستثمارات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة سعيا إلى ضمان عدم تخلف أي بلد عن الركب.

وفي هذا الصدد، سيكون مؤتمر القمة المعني بأهداف التنمية المستدامة خلال الأسبوع الرفيع المستوى لهذا العام لحظة حاسمة، إذ يوفر مؤتمر القمة فرصة مثالية لرؤساء الدول والحكومات لإظهار التزام حقيقي تجاه أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك من خلال المساهمة في تمويل التنمية العالمية. وبصرف النظر عن استهداف تلك البلدان التي تواجه أوضاعا هشة، يجب علينا أيضا إيجاد حلول مصممة خصيصا للتصدي للهشاشة والتحديات المحددة الأخرى التي تواجه البلدان في حالات النزاع وما بعد انتهاء النزاع، إضافة إلى البلدان المتوسطة الدخل.

ولضمان عدم تخلف أحد عن الركب، يجب على المجتمع الدولي أن يتصرف بشكل مدروس للوفاء بالتزاماته بوسائل تنفيذ خطة عمل أديس أبابا للمؤتمر الدولي الثالث لتمويل التنمية وخطة التنمية المستدامة لعام 2030 نفسها. ولذلك، ينبغي أن يحظى اقتراح عقد المؤتمر الدولي الرابع المعني بتمويل التنمية بالاهتمام الكامل من الجمعية العامة ونحن نسعى إلى تقوية الإجراءات الرامية إلى تعزيز التمويل والتكنولوجيا والقدرة على تحمل الديون وبناء القدرات من أجل تحقيق التنمية المستدامة.

وعلى الصعيد العالمي، يجب دعم جهودنا بهيكل اقتصادي ومالي دولي تمثيلي وتمكيني يعكس ويعالج حقائق واحتياجات أعضاء الأمم المتحدة اليوم. والمقترحات الطموحة التي قدمها الأمين العام في تقريره المعنون ”خطتنا المشتركة“، بما في ذلك إصلاح الهيكل المالي الدولي، وتجاوز الناتج المحلي الإجمالي، ووضع الاتفاق الرقمي العالمي، ستتطلب إجراء مداولات أعمق واتخاذ قرارات ثاقبة من جانب الجمعية العامة.

 

التقدم

على الرغم من وضع الفقر والجوع في صميم أهداف التنمية المستدامة، تشير بعض التوقعات إلى أن ما يقرب من 680 مليون شخص، أي 8 في المائة من سكان العالم، سيظلون يواجهون الجوع في عام 2030. والحقيقة هي أنه حتى قبل الجائحة، كان التقدم نحو تحقيق أهداف وغايات التنمية المستدامة متأخرا كثيرا عن التوقعات، وأصبح الوفاء بالالتزامات التي تعهدنا بها جماعيا في عام 2015 بعيدا أكثر فأكثر. وبدون نقلة نوعية من حيث الالتزام والعمل التحويلي، فإن أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما القضاء على الفقر وإنهاء الجوع، سيتأخر بشكل مؤسف.

وشكلت خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة المعلنة فيها أول استراتيجية إنمائية دولية شاملة متفاوض عليها بالكامل جرى الاتفاق عليها رسميا بين الشمال المتقدم النمو والجنوب العالمي وتم الترحيب بها باعتبارها إيذانا بعصر جديد في التعاون الإنمائي. ومن المؤكد أنه بالنظر إلى مدى تمكن الطرفين من الاتفاق بنجاح على العناصر الرئيسية للتشخيص، أو ”الإشكالية“، فإن تنفيذ التدابير العلاجية المتفق عليها في متناولنا حتما.

وسيكون مؤتمر القمة المعني بأهداف التنمية المستدامة الذي يعقد في أيلول/سبتمبر من هذا العام، باعتباره الحدث الرئيسي الذي يعقد خلال الأسبوع الرفيع المستوى، حاسما في تحديد مسار العمليات الأخرى التي تجري في نطاق الجمعية العامة. لذلك من الأهمية بمكان أن تعيد جميع الوفود الالتزام بشكل فردي بإعادة تنشيط عملية أهداف التنمية المستدامة والقيام بدفعة قوية نحو تحقيقها كحزمة شاملة تغير الحياة بحلول عام 2030.

ومن الاستنتاجات التي تتنافى مع البديهة أنه، في القرن الحادي والعشرين، لا يشارك سوى نصف البشرية مشاركة مجدية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، حيث كثيرا ما تحرم النساء والفتيات بشكل منهجي من حقوق الإنسان الأساسية الواجبة لهن في العديد من مجالات الحياة اليومية، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الحق في التعليم، والحق في البحث عن عمل، والحق في الحصول على أجر متساو، والحق في ملكية الأرض. وعلاوة على ذلك، لا يزال العالم يشهد وباء العنف ضد المرأة.

وبصورة أعم، تعرضت حقوق الإنسان الأساسية لهجوم شديد أو حرم منها الأفراد والجماعات على حد سواء، على أساس العرق أو الدين أو الأصل الإثني أو من خلال أشكال أخرى من التمييز، مما أدى في كثير من الأحيان إلى نشوء طبقة دنيا مهمشة ومجردة من إنسانيتها، حرمها المجتمع من ممارسة حقوقها كبشر، ومن ثم ولد استياء عميق الجذور كثيرا ما يتخذ في ذروته شكل صراع اجتماعي وتنافس بين الجماعات. وينبغي أن تركز جهودنا على الاستثمار في أطفالنا - الذين هم مستقبلنا - وضمان حصولهم على فرص التعلم الجيدة وبرامج تنمية المهارات والتغذية السليمة والرعاية الصحية والمياه المأمونة والحماية والمأوى.

واستنادا إلى أننا جميعا خلقنا متساوين ومخولين منذ ولادتنا بمجموعة فطرية وغير قابلة للتجزئة من حقوق الإنسان، يجب على الجمعية العامة أن تضاعف جهودها وتزيد زخم خطابها لوقف الانتشار الخبيث لانتهاكات حقوق الإنسان. وفي عالم توجد فيه أدلة مقلقة على تزايد التمييز المؤسسي، يجب أن نستخدم منبرنا في الجمعية العامة لرفض المفاهيم البغيضة التي لا أساس لها علميا، بينما نقود الحوار، على مختلف المستويات، بشأن ضرورات إرساء المساواة، والمساواة في الحقوق، وعدم التمييز بوصفها معايير اجتماعية مشروعة، بل ولبنات لإقامة مجتمعات قوية ومتماسكة وعادلة.

إن رئيس برنامج زمالة الجمعية العامة، في إطار مواصلة الاعتراف بالدور الرئيسي الذي يؤديه الشباب في تحقيق تطلعاتنا نحو تحقيق التنمية المستدامة، سيسهم في تقدمنا، إذ يتيح هذا البرنامج فرصة فريدة لتعزيز مشاركة الشباب والتماس وجهات نظرهم كمساهمات في الحلول اللازمة للتصدي للتحديات التي يواجهونها كشباب.

إن التقدم الذي سندافع عنه بالتالي في مكتب رئيس الجمعية العامة، والذي سيكون متسقا مع نطاق الأهداف الواردة في خطة عام 2030، سيرفع نوعية حياة الأشخاص الذين يعيشون أوضاعا هشة في كل مكان ويتيح لهم الفرصة للشعور بالتمكين من متابعة أهدافهم وتطلعاتهم الفردية إلى أقصى إمكاناتهم، غير مقيدين بقيود غير عادلة مفروضة بشكل تعسفي. ويجب أن نواصل الدعوة بقوة إلى المشاركة الكاملة والمجدية للمرأة في جميع المجالات، ما سيزيد حتما من احتمالات السلام المستدام والازدهار والتقدم، بل والاستدامة. ومن المؤكد أن موظفي مكتب رئيس الجمعية العامة سيحترمون ويراعون ذلك المبدأ.

ولذلك، يتحتم علينا أن نكثف جهودنا الرامية إلى تنشيط أعمال الجمعية العامة بغية تحسين وضعها للاضطلاع بدورها وصلاحياتها بمزيد من الفعالية والكفاءة.

 

الاستدامة

يعلمنا علم الأحياء أن حضارة إنسانية دينامية ومنتجة مثل تلك التي ورثناها لا يمكن أن تعيش عمرا مديدا، ناهيك أن تزدهر، على كوكب ملوث ومستغل بإفراط تضررت نظمه الإيكولوجية الطبيعية أو تتأرجح على حافة الانهيار. وعندما يتم تجاوز الحدود البيئية، هناك خطر يتمثل في أن العواقب السلبية الناجمة عن ذلك قد تكون لا رجعة فيها، ما يقوض قدرتنا على إطعام أنفسنا وتلبية احتياجات الأجيال المقبلة. إن بناء عالم مستدام، في وئام مع الطبيعة، هو الوسيلة الوحيدة لضمان بقاء كوكبنا وحضارتنا في المستقبل. وإن تغير المناخ والتصحر والتلوث وفقدان التنوع البيولوجي وتدهور الأراضي هي من بين أكبر التحديات في عصرنا وتتطلب منا اتخاذ إجراءات جماعية وعاجلة لضمان مستقبل البشرية والكوكب.

إن الإقرار التاريخي في العام الماضي بأن الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة حق من حقوق الإنسان يرسخ الإيمان بأن الجمعية العامة لها دور رئيسي تؤديه في حماية مشاعاتنا العالمية من خلال تعزيز الجهود العالمية نحو تنفيذ المزيد من الإجراءات المناخية، واستعادة النظم الإيكولوجية، وحماية المحيطات، ومكافحة التصحر وتدهور الأراضي، وتشجيع مبادرات القضاء على الهدر. وإذ نضع في اعتبارنا أننا في عصر يتزايد فيه انعدام الأمن الغذائي، فإنه يتعين علينا أن نركز اهتمامنا على آليات تعزيز إنتاجية التربة والأراضي، إذا كان للكوكب أن يدعم السكان البالغ عددهم 9,5 بلايين نسمة والمتوقع أن يعيشوا عليه بحلول عام 2050، وهو ما يتطلب ثورة خضراء أخرى. ويمكن أن تؤدي التنمية الصناعية الشاملة للجميع والمستدامة دورا حاسما في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

إن تحويل طبيعة السلوك البشري على الكوكب من نمط نشاط تدعمه سيكولوجية الاستغلال والاستهلاك الضخم إلى نمط يحركه الاستخدام المستدام والإدارة المستدامة سيتطلب أن تقوم البشرية حتما بفحص وإعادة معايرة أنماطها الخاصة لإنتاج واستهلاك الأصول الطبيعية من أجل ضمان استخدامها المسؤول والمستدام. والإدارة المسؤولة لتلك الأصول الطبيعية، بما في ذلك مشاعاتنا العالمية، تعني الحفاظ على التوازن داخل النظم الإيكولوجية للكوكب حتى تتمكن الأنواع الموجودة من البقاء والازدهار بالفعل، مما يضمن توافرها للتمتع بها واستخدامها من جانب الأجيال المقبلة. وقد يتطلب ذلك منا الامتناع عن الإفراط في استهلاك مورد معين أو ربما مواد أخرى، يعرض وجودها للخطر أو يضر ببقاء المورد نفسه، وهي دينامية تتجلى على سبيل المثال في استخدام البشرية الأحادي الواسع النطاق للبلاستيك الذي يعرض للخطر أرصدة مصائد الأسماك في النظم الإيكولوجية البحرية والإفراط في صيد بعض الأرصدة السمكية مما يؤدي إلى استنفادها.

ويجب أن نسخر الزخم ونجدد الأمل المستوحى من النتائج التي حققناها خلال العام الماضي، بما في ذلك النتائج المعتمدة في مؤتمر الأمم المتحدة لعام 2022 لدعم تنفيذ الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة: حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام من أجل التنمية المستدامة (مؤتمر الأمم المتحدة الثاني للمحيطات)، والدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي. ويشكل مؤتمر القمة المعني بأهداف التنمية المستدامة القادم ومؤتمر قمة الطموح المناخي (الذي سيعقده الأمين العام)، وكلاهما سيعقد في أيلول/سبتمبر 2023، منبرا ممتازا للمجتمع الدولي لإظهار الالتزام الحقيقي بإيجاد ”المستقبل الذي نصبو إليه“ من خلال توسيع نطاق الإجراءات التحويلية لتجنب الأزمات البيئية التي تواجهنا حتى نتمكن من إعادة العالم مرة أخرى إلى مسار خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

لذلك دعونا، برؤية وعمل تقدمي جريء، نعزز الروابط بين الطريقة التي نعيش بها وبيئتنا من خلال رعاية الطبيعة والاستثمار في الحفاظ على التوازن الإيكولوجي في نظمنا الكوكبية واستعادته وبالتالي تعزيز استدامتها على المدى الطويل. وبقيامنا بذلك، فإننا نحمي ونحفظ العديد من الأصول البيئية التي نتمتع بها اليوم لكي تستخدمها وتتمتع بها الأجيال القادمة. ومن شأن هذا الاستقرار بين الأجيال أن يقطع شوطا طويلا نحو ضمان التنمية المستدامة للأجيال المقبلة ومستوى من الرفاه لا يختلف على الأقل عن مستوانا.

 

خاتمة

في الأسابيع المقبلة، سأواصل إشراك المجموعات الإقليمية وغيرها من المجموعات بينما نتعاون بشكل جماعي لتهيئة مناخ من التعاون المتجدد والالتزام المشترك في التصدي للتحديات العديدة المطروحة على الجمعية العامة. وسأسعى إلى تعزيز النهج الحالية واعتماد نهج جديدة إلى جانب حلول مجدية تفيد الجميع، ونحن نسعى إلى تحقيق السلام والازدهار والتقدم والاستدامة في عالم القرن الحادي والعشرين الجديد، الذي يتسم بتكافؤ الفرص للجميع، أو على الأقل تعزيز الأسس اللازمة لتحقيقها.

 

***

تحميل ملف معد للطباعة من بيان الرؤية PDF

 

خطاب القبول

1 حزيران/يونيه 2023

تشرفني الثقة التي أولتني إياها الجمعية العامة بانتخابي بالتزكية لمنصب رئيس الجمعية العامة في دورتها السابعة والسبعين. وإنني أشعر حقا بالفخر لمنحي فرصة خدمة مجتمع الدول الأعضاء والعمل مع أصحاب المصلحة الآخرين طيلة الدورة المقبلة.

وأعرب عن امتناني الخاص للدول الأعضاء في مجموعة دول أوروبا الشرقية على دعمها ترشيحي، ولرئيس هنغاريا وحكومتها على دعمهما القيم لترشيحي ولفريقي وللبعثة الدائمة لهنغاريا، اللذين دأبا على التعاون معي خلال الأعمال التحضيرية لهذا المسعى. بيد أنني ممتن، أولا وقبل كل شيء، لأسرتي، التي وقفت بصبر إلى جانبي طوال هذه الرحلة.

وأود أيضا أن أغتنم هذه الفرصة لأشيد بعبد الله شهيد على عمله الممتاز بصفته رئيسا للجمعية العامة في دورتها السادسة والسبعين. وأهنئ الرئيس شهيد على جهوده الدؤوبة في توجيه عملنا طوال الدورة الحالية. فقد كان لدعمه القيِّم دور حاسم في تكوين فهم متعمق لدي ولدى فريقي لتسيير أعمال الجمعية العامة وفي تعلم ممارساتها الجيدة. كما أشكر الأمين العام على قيادته والتزامه بتوجيه الأمم المتحدة ليتسنى لها الاضطلاع بالمهام المسندة إليها في القرن الحادي والعشرين.

إننا نعيش أزمات متعددة - ومترابطة - على الصعيد العالمي فيما يتعلق بالغذاء والطاقة والديون، في حين يبدو أن أزمات المياه ستكون بمثابة التهديدات الوشيكة المقبلة. وفي ظل النقص العالمي في الإمدادات الغذائية وارتفاع الأسعار، يعاني 49 مليون شخص في 43 بلدا بالفعل من مستويات من الجوع تصل إلى حد حالة الطوارئ.

وبسبب استمرار حالة الطوارئ المناخية، أضحت المحيطات في عام 2022 أكثر حمضية أو دفئا من أي وقت مضى، حيث بلغت مستويات سطح البحر أرقاما قياسية. وبلغت حدة فقدان التنوع البيولوجي أيضا مستوى غير مسبوق.

ولم تكن النزاعات العالمية بهذه الضراوة من قبل منذ نهاية القرن الماضي. وهناك حوالي 303 ملايين شخص في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية والحماية في 69 بلدا في جميع أنحاء العالم، وهي زيادة تربو على 10 في المائة منذ كانون الأول/ديسمبر 2021.

وتضيف الحرب القاسية في أوكرانيا أبعادا جديدة لهذه التحديات المشؤومة.

وسيسعى مكتب رئيس الجمعية العامة في دورتها السابعة والسبعين إلى وضع خطة متكاملة للسلام والرخاء والاستدامة، وسيكون عاملا من عوامل تعددية الأطراف والتعددية الثقافية وتعدد اللغات.

وسيكون بابي مفتوحا لكم جميعا. وسيقوم عملنا على مبدأ الحياد، بقصد بناء الجسور بين الأطراف.

وسوف أنسق الإجراءات مع الأمين العام ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي وسائر أجهزة الأمم المتحدة المعنية.

وسوف أكرس اهتماما خاصا للمشاورات المنتظمة التي يراد بها إحداث أثر مع منظمات المجتمع المدني، وممثلي الشباب، والمؤسسات العلمية، ومراكز المعرفة، والمنظمات الدينية، وممثلي دوائر الأعمال التجارية، والمؤسسات المالية الرئيسية.

إننا نعيش في أوقات تهز الأسس التي بنيت عليها هذه المنظمة. وفي ظل الأزمات المتعددة التي تلوح في الأفق، فإن أقل ما يمكن قوله أن مصداقية الأمم المتحدة توجد على المحك. وقبل سبعة وسبعين عاما، أظهرت الدول الأعضاء أن السلام الدائم يمكن أن يبنى على أنقاض الحرب. ونحن بحاجة إلى نفس العزم اليوم للتصدي للتحديات التي تهدد السلم والأمن الدوليين ومستقبلنا المستدام على هذا الكوكب.

وخلال جولات المشاورات التي قمت بها، أعرب معظمكم عن قلقه إزاء تراجع الثقة وفقدان روح التعاون. وقد يكون لدينا جميعا تفسير لما أدى بنا إلى هذا المآل، ولكننا متفقون على أنه لن يتسنى لنا التصدي للتحديات العالمية غير المسبوقة اليوم وغدا إلا بتضافر الجهود.

واسمحوا لي أن أستشهد بمقولة لرجل الصناعة هنري فورد: ”إن تجمّعنا هو نقطة البداية. وبوحدة صفنا نحرز التقدم. وبعملنا معا نحقق النجاح“.

تحميل ملف معد للطباعة من خطاب القبول PDF

 

روابط مباشرة

وثائق أساسية

موارد