8 نيسان/أبريل 2015

النظر إلى الغابة والعين على أشجارها-  تحقيق الاستفادة القصوى من أوجه التآزر من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة في بيئة محدودة الموارد

تمثل أهداف التنمية المستدامة السبعة عشرة المقترحة نتيجة مفاوضات مكثفة أجرتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من أجل الاتفاق على العالم الذي نصبو إليه بحلول عام2030. وتشمل الأهداف السبعة عشرة عددا من الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

         وسيتطلب تحقيق هذه الأهداف مستوى غير مسبوق من التعاون اللازم للاستفادة من التمويل المتاح والموارد المعرفية فضلا عن طرائق التنفيذ. ويلزم كذلك اعتماد نهج متكامل ومتعدد التخصصات في إطار الأهداف وفيما بينها.

         ويمثل الهدف 15 مثالا على ذلك إذ يهدف إلى "حماية النظم الإيكولوجية البرّية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي". وتصحب ذلك الهدف 10 غايات تشمل إدماج قيم النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي في التخطيط الوطني والمحلي، والعمليات الإنمائية، واستراتيجيات الحد من الفقر والحسابات، وغاية ترمي إلى حشد الموارد المالية من جميع المصادر وزيادتها زيادة كبيرة بغرض حفظ التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية واستخدامها استخداما مستداما.

         ولا يمكن معالجة إزالة الغابات، وتدهور الأراضي، والتصحر وحماية التنوع البيولوجي بمعزل عن جوانب أخرى: إذ تمثل النظم الإيكولوجية الصحية الأساس الذي تقوم عليه جهود الحد من الفقر، والزراعة المنتجة والقادرة على الصمود، ونظم المياه التي تدعم التنمية والنمو. ويدرك كثير من خبراء الزراعة والصحة والمياه أن إزالة الغابات واستخدام الأراضي دون المستوى الأمثل يمكن أن يضعف بشكل خطير الخطط الرامية إلى كفالة حياة صحية (الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة)، والقضاء على الجوع (الهدف 2) وتوفير المياه (الهدف 6). وإذا بقيت النهج القطاعية الضيقة هي القاعدة، وظلت الآثار الجانبية السلبية دون كابح، فستزداد محدودية المجال المتاح للتنمية في الأجل الطويل. وفي المقابل، يمكن للنهج المشتركة بين القطاعات أن تساعد على تحقيق عدة أهداف بطريقة أكثر بعدا في النظر وأكثر فعالية.

         وستعمل الحكومات على الالتزام بتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الوقت الذي تتعرض فيه الموارد لاستنزاف شديد سلفا في جميع أنحاء العالم، وهو ما يهدد قدرة الحكومات على الوفاء بوعودها المتصلة بالفرص الاجتماعية والاقتصادية. ويُقدر أن قرابة 50 في المائة من جميع فرص العمل في جميع أنحاء العالم مرتبطة بالزراعة ومصائد الأسماك والغابات. وتعتمد ثلاثة أرباع المحاصيل الرئيسية الـ115 الأهم في العالم على التلقيح الحيواني، كما أن أكثر من 50 في المائة من جميع الأدوية تقوم على النباتات الطبية، بيد أن التنوع الحيواني والنباتي آخذ في التراجع بوتيرة سريعة في أعقاب إزالة الغابات وتفتيتها. ويعتمد نحو 1 مليار شخص على الأسماك باعتبارها المصدر الرئيسي للبروتين الحيواني، إلا أن الأرصدة السمكية الرئيسية آخذة في التراجع. وتُفقَد أشجار المنغروف بمعدل مثير للجزع يبلغ ما بين 2 إلى 7 في المائة سنويا، وتفقد معها الموائل الرئيسية للأسماك وموائل الحماية من العواصف.

         وفي هذا السياق، تكون لخطة التنمية لما بعد عام 2015 آثار هامة كذلك على مجموعة البنك الدولي. ذلك أن أهداف المجموعة المتعلقة بالقضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2030، وتعزيز تقاسم الرخاء لفائدة 40 في المائة الموجودة في أسفل الهرم السكاني بطريقة مستدامة تتسق تماما وأهداف التنمية المستدامة. ونظرا لكون هدف التنمية المستدامة 15 يقترح حماية النظم الإيكولوجية الطبيعية وترميمها وتعزيزها، فإنه أساسي في عمل البنك في المناطق الريفية حيث لا يزال يعيش 78 في المائة من أشد الناس فقرا في العالم، وفي آفاق النمو الاقتصادي الطويل الأجل لصالح الأجيال القادمة. ولا يقترح هذا الهدف أقل من المحافظة على الكوكب من أجل المستقبل.

         وتُظهر النتائج التي تمتد من الجهود المحلية لإعادة غرس الغابات إلى استراتيجيات النمو الأخضر المكتملة الأركان أن قاعدة "الكل رابح"  ممكنة وفي المتناول. وعلى سبيل المثال، أظهرت تجربة جمهورية كوريا عقب الأزمة المالية لعام 2008 أنه يمكن زيادة فرص العمل والناتج المحلي الإجمالي، مع القيام في الوقت نفسه بالحد من التلوث وانبعاثات الكربون. وقد تحقق ذلك بالتحول من الصناعات الكثيفة الكربون إلى تكنولوجيات مبتكرة منخفضة الكربون.

         وقد أتاحت تدخلات بسيطة، مثل تحسين إدارة الثروة الحيوانية من أجل السماح بالتجدد الطبيعي للنباتات والأشجار، للمجتمعات المحلية الريفية التي تعاني من الضغط بأن تنتعش وتزيد محاصيلها وتتمتع بمستويات معيشة أفضل، في كل مكان من ألبانيا إلى كولومبيا مرورا بالصين، وإثيوبيا. وسيكون نقل هذه الخبرات من بلد إلى آخر مهما من أجل كفالة ألا تبدأ الدول من نقطة الصفر، وأن يساعد بعضها بعضا في تحقيق رؤاها الطموحة.

         وما فتئت صناديق التمويل المتعلق بالمناخ تؤدي دورا أساسيا في الجهود الرامية إلى إيجاد حلول تستهدف عدة قطاعات. وقد استُخدم التمويل القادم من صندوق الكربون البيولوجي وبرنامج الاستثمار في الغابات ومرفق الشراكة للحد من انبعاثات كربون الغابات، على سبيل المثال، من أجل تجريب تعديلات للسياسة العامة في الزراعة وإدارة الثروة الحيوانية من أجل التصدي لإزالة الغابات وعزل المزيد من الكربون. وستوفر هذه الأموال، في حال جرت إدارتها مجتمعة، خط دعم سلس لبلداننا المستفيدة. ويمثل بناء شراكات بين القطاعين العام والخاص مع الشركات المتعددة الجنسيات الكبيرة من أجل دعم سلاسل إمداد خالية من إزالة الغابات فيما يتعلق بالسلع الأساسية، مثل زيت النخيل وفول الصويا واللحم البقري وغيرها، جزءا أيضا من هذا النهج العام. وتوفر مثل هذه الشراكات بين القطاعين العام والخاص فرصا هائلة لزيادة الاستثمارات والدعم التقني للمزارعين بمبالغ أكبر بكثير مما يمكن للاستثمارات العامة وحدها أن تحققه من دون ذلك.

         وأخيرا، تشجع النهج القائمة على محاسبة رأس المال الطبيعي الحكومات والأعمال التجارية على أن تأخذ في الاعتبار حالة واستدامة أصولها الطبيعية في تخطيطاتها. وتقدم مبادرات من قبيل شراكة خدمات محاسبة الثروات وتقييم النظام الإيكولوجي وغيرها من البرامج الأخرى المساعدة لعدد متزايد من البلدان في التطلع إلى ما وراء الناتج المحلي الإجمالي والعمل على إدماج "قيم النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي في عمليات التخطيط الوطني والمحلي، والعمليات الإنمائية، واستراتيجيات الحد من الفقر، والحسابات “ (الغاية 15-9). وبإمكان محاسبة رأس المال الطبيعي أن تساعد البلدان في التركيز على وضع لوحات بيانية للمؤشرات لرصد الأصول التي تحتاجها البلدان من أجل النمو الطويل الأجل وكفالة ألا يأتي التقدم المحرز في أحد أهداف التنمية المستدامة على حساب هدف آخر. ويمكن عمل المزيد في هذه الجبهة. ومن المؤكد أن ثغرات البيانات وسبل إصلاحها ستحتل مكانة بارزة خلال الشهور المقبلة، في الوقت الذي تستعد الأمم المتحدة لتعميم خريطة طريق إرشادية من المؤشرات من أجل التشاور.

          وبالنظر إلى الإطلاق الوشيك لبرنامج عمل أهداف التنمية المستدامة، تستعد مجموعة البنك الدولي بنشاط لدعم تنفيذها من خلال مساعدة البلدان على تحديد وترتيب أولويات العمل التي تعزز الروابط الإيجابية بين النظم الإيكولوجية السليمة والتنمية. ويجب على التدخلات في الغابات والمناظر الطبيعية الريفية والمحيطات أن تفي بمجموعة متعددة من احتياجات البلدان، من النمو الاقتصادي إلى التغذية والأمن الغذائي، وإلى الأهداف المتصلة بتغير المناخ. وتُسهم الاستثمارات في فرص العمل والقدرة التنافسية والهواء النقي والمياه أيضا في بناء القدرة على الصمود والحد من الانبعاثات. ونحن على استعداد للعمل جنبا إلى جنب مع الشركاء في تقديم الحلول المتكاملة والمتعددة القطاعات اللازمة لتحقيق الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة-وجميع أهداف التنمية المستدامة في الواقع- وذلك في عالم يزداد ترابطه والقيود المفروضة عليه والتزامه.    

 

وقائع الأمم المتحدة ليست سجلاً رسمياً. إنها تتشرف باستضافة كبار مسؤولي الأمم المتحدة وكذلك المساهمين البارزين من خارج منظومة الأمم المتحدة الذين لا تعبر آراءهم بالضرورة عن آراء الأمم المتحدة. وبالمثل، الحدود والأسماء المعروضة والتسميات المستخدمة في الخرائط أو المقالات، لا تعني بالضرورة موافقة أو قبول من قِبل الأمم المتحدة.