في الوقت الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الهدف 7 من أهداف التنمية المستدامة، الذي يسعى إلى ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة والموثوقة والمستدامة، كانت الدول أعضاء الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) قد بدأت بالفعل رسم خارطة الطريق الإقليمية الخاصة بها، وطرحت خططها للعمل الوطني من أجل تحقيق هذا الهدف. ومن هنا تبدو المنطقة وكأنها ماضية على أسرع طريق من أجل الخروج من فخ الفقر في مجال الطاقة.

مواجهة الحقائق

تتألف الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا من 15 من الدول ذات السيادة وهي: بنن، بوركينا فاسو، توغو، جزر الرأس الأخضر، السنغال، سيراليون، غانا، غامبيا، غينيا، غينيا-بيساو، كوت ديفوار، ليبريا، مالي، النيجر ونيجيريا. وهي موحَّدة في رغبتها الجماعية للتوصُّل إلى التكامل الإقليمي في جميع قطاعات النشاط الاقتصادي، إضافة إلى المجالات الاجتماعية والثقافية. وهي تضم عدداً متزايداً من السكان يربو على 334.6 مليون نسمة، ومن ثم فإن الدول أعضاء الإيكواس تمثّل نحو ثلث مجموع سكان أفريقيا جنوبي الصحراء. كما تشمل المنطقة مجموعة متنوعة من السياقات الديموغرافية والسوسيو اقتصادية والسياقات الاجتماعية، وفيما تتصف الأرض والثقافة والطبيعة والمناخ بالتباين، فهناك أيضاً التحدّيات التي تتمثل في تخطّي افتقار السكان إلى إمكانات الحصول على الطاقة المستدامة.

ويأتي ترتيب منطقة الإيكواس بين المناطق الأقل حظاً بالنسبة لمعدلات إتاحة الكهرباء في العالم، حيث يقتصر الأمر على أن ما يقارب نسبة 42 في المائة من مجموع السكان و 8 في المائة من سكان الريف، هم الذين تتاح لهم إمكانية الحصول على الكهرباء. وتواجَه المنطقة بحقائق الانكشاف أمام الطاقة وتذبذب أسعار الوقود وعدم إمكانية الركون إلى النظام المتبع حالياً. ومن المتوقع أن يظل فقر الطاقة، مع ما يترتب عليه من نتائج بالنسبة للاقتصادات المحلية والتنمية الاجتماعية، هو التحدّي السائد أمام غرب أفريقيا حتى عام 2030. على أن إتاحة الكهرباء تتباين بصورة واسعة ما بين النيجر حيث لا يزيد معدّل الكهربة على 9 في المائة (2011) إلى جزر الرأس الأخضر التي كادت تحقِّق مستوى إتاحة شاملة. ومع ذلك فإن المعدّلات الوطنية تغطّي التباينات الواسعة بين الإتاحة في المناطق الحضرية مقابل المناطق الريفية التي ما برحت قاصرة من حيث الخدمات المقدمة بواسطة الشبكات التي تزوِّد المُدن الرئيسية. بل يمكن للنصيب المقَدّر لسكان الأرياف ممن تتاح لهم الكهرباء أن يكون منخفضاً عند نسبة 1 في المائة في بلدان مثل غينيا أو سيراليون.

ويشكل الطهي نصيباً كبيراً من الاستخدام الإقليمي للطاقة. وفي المتوسط يوجد 85.7 في المائة من السكان ممن يستخدمون حالياً أنواع الوقود الصُلب لأغراض الطهي (بصفة غالبة هي الخشب والفحم النباتي)، حيث أن الأرقام الوطنية تتراوح ما بين 98 في المائة في غينيا-بيساو وليبريا ومالي وسيراليون إلى أقل من 30 في المائة في جزر الرأس الأخضر. والحاصل أن اعتماد المنطقة على الكتلة الإحيائية التقليدية والمحروقات الصلبة ينجم عنه آثار سلبية فادحة بالنسبة للبيئة والصحة ولا سيما في حالة النساء والأطفال.

وتواجه اقتصادات غرب أفريقيا حالياً، وسوف تواجه بالحتم، مزيداً من آثار تغيُّر المناخ في العقود المقبلة. ومن هنا تتجلى الحاجة التي تزداد إلحاحاً، سواء بالنسبة إلى تخفيف الانبعاثات أو تعزيز تدابير التكيُّف الملائمة على الصعيد الإقليمي، أو العمل بصورة جادة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وفي ضوء استضعاف المنطقة إزاء تغيُّر المناخ تدعو الحاجة العاجلة إلى إتاحة طاقة موثوقة وميسورة الأسعار وهو ما يشكل أزمة مستحكمة بالنسبة لصانعي السياسات.

ولقد جاء إطلاق مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن حصول الجميع على الطاقة المستدامة وإعلان العقد 2014-2024 باعتباره عقد الطاقة المستدامة للجميع ليتصدّى لثلاثة أهداف: ’1‘ ضمان تعميم الإتاحة لخدمات الطاقة الحديثة؛ ’2‘ مضاعَفة معدّل التحسين في كفاءة الطاقة؛ ’3‘ مضاعفة نصيب الطاقة المتجددة. وتُعَد الإيكواس من بين أقوى مؤيّدي المبادرة المذكورة أعلاه، بعد أن تم إطلاقها لكي تأخذ بيد الدول الأعضاء بعيداً عن فقر الطاقة، فيما تعمل على تنفيذ عددٍ من المبادرات القوية الرامية إلى تحقيق الغايات التي ترمي إليها مبادرة حصول الجميع على الطاقة المستدامة.

إطلاق الإمكانيات التي تتيح الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة

تُعد منطقة الإيكواس محظوظة بفضل احتوائها على إمكانيات واسعة النطاق من الطاقة المتجددة التي يمكن في حال استخدامها أن تلعب دوراً مهماً في التصدي لنقص الطاقة. وفي السنوات المقبلة فلسوف يستدعى ارتفاع الطلب على الطاقة بسبب نمو السكان (نحو 2.5 في المائة سنوياً)، فضلاً عن ظاهرة التحضر السريع والتنمية الاقتصادية، اتخاذ إجراءات عاجلة لاستغلال الموارد الهائلة من الطاقة المتجددة.

وعلى عكس المحروقات الأحفورية، فإن موارد الطاقة المتجددة موزَّعة بصورة أكثر إنصافاً بكثير حيث تتيح فرصاً أمام جميع الدول أعضاء الإيكواس للإفادة منها. وهناك ما يقدَّر بنحو 000 23 ميغاواط من إمكانيات الطاقة الكهرومائية مركزة في 5 من الدول الأعضاء الخمس عشرة، ومنها ما يقارب 16 في المائة فقط هو الذي تم استغلاله. وطبقاً للتقديرات الأوَّلية فإن إمكانيات الطاقة الكهرومائية الصغيرة في المنطقة تصل إلى نحو 000 6 ميغاواط. وثمة إمكانية طيبة بالنسبة لجميع أشكال الطاقة الإحيائية. كما أن هناك موارد كبيرة ومتاحة من طاقة الرياح والطاقة الجزرية وطاقة المحيطات والطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الأمواج في بعض بلدان الإيكواس. وتضم المنطقة كذلك إمكانيات شاسعة من الطاقة الشمسية حيث يوجد متوسطات مرتفعة للغاية من الأشعة تبلغ 5 إلى 6 كيلوواط ساعة/متر2 على مدار العام.

وفي عام 2012 اعتمدت الدول أعضاء الإيكواس سياسة الطاقة المتجددة التي تستهدف زيادة نصيب الطاقة المتجددة (بما في ذلك الطاقة الكهرومائية الكبيرة) في المجموعة الإجمالية، من الكهرباء إلى نسبة 35 في المائة بحلول عام 2020 ثم إلى نسبة 48 في المائة بحلول 2030. كما أن نصيب الطاقة الجديدة المتجددة، ومن ذلك مثلاً الرياح والشمس والطاقة الكهرومائية المحدودة والكهرباء الإحيائية (باستثناء الطاقة الكهرومائية الكبيرة) سوف يزداد إلى نحو 10 في المائة بحلول عام 2020 ثم إلى 19 في المائة بحلول عام 2030. وهذه الأهداف تترجَم إلى حجم إضافي يبلغ 2.425 ميغاواط من قدرة الكهرباء المتجددة بحلول عام 2020 و7.606 ميغاواط في عام 2030. ومع حلول عام 2020 سوف يتاح لمجموع سكان الإيكواس فرص الحصول على مرافق محسَّنة للطهي، سواء من خلال المواقد المحسَّنة أو عن طريق التحوّل إلى الأشكال الحديثة الأخرى من الوقود، ومنها مثلاً غاز البترول المسال. أما نصيب الإيثانول/الديزل الإحيائي في أنواع وقود النقل فسوف يرتفع إلى نسبة 5 في المائة في عام 2020 ثم إلى 15 في المائة عام 2030. ومع حلول عام 2030 سيتم التزويد بالنُظم الحرارية الشمسية لنحو 50 في المائة من جميع المراكز الصحية إضافة إلى 25 في المائة من جميع الفنادق ومرافق صناعة الأغذية الزراعية التي تحتاج إلى مياه ساخنة.

وهناك كذلك إمكانيات كبيرة لتحسين كفاءة الطاقة بما في ذلك ما يتم في المباني والصناعات والأجهزة وفي توليد وتوزيع الكهرباء. وكما هو منشور في تقرير الإيكواس عن حالة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، فإن الكثافة الوطنية من الطاقة على مستوى المنطقة في عام 2010 كانت تتراوح ما بين مستوى منخفض يبلغ 3 ميجا جول لكل دولار واحد من دولارات الولايات المتحدة في جزر الرأس الأخضر، إلى مستوى مرتفع يبلغ 71.1 ميجا جول لكل دولار في ليبيريا. وبصورة إجماعية، فإن الدول أعضاء الإيكواس الخمس عشرة لديها متوسط من كثافة الطاقة يبلغ 14.5 ميجا جول لكل دولار، وهو مستوى يزيد كثيراً عن المتوسط القاري البالغ 11 ميجا جول لكل دولار واحد([i]).

وتتمثل أهداف سياسة الإيكواس في مجال كفاءة الطاقة فيما يلي:

     -  التخلص تدريجياً من المصابيح المتوهجة التي تفتقر إلى الكفاءة بحلول عام 2020؛

     -  تخفيض الخسائر في توزيع الكهرباء إلى ما دون نسبة 10 في المائة بحلول عام 2020؛

     -  التوصل إلى الإتاحة الشاملة لسُبل الطهي الآمن والنظيف والميسور التكاليف والكفء والمستدام لصالح جميع سكان الإيكواس بحلول عام 2030؛

     -  إنشاء اللجنة التقنية للإيكواس المعنية بمعايير وعلامات كفاءة الطاقة واعتماد المعايير وعلامات التوسيم الأساسية على مستوى المنطقة بالنسبة لمعدات الطاقة الرئيسية؛

     -  وضع معايير الكفاءة على مستوى المنطقة بالنسبة للأبنية (ومن ذلك مثلاً قوانين المباني)؛

     -  استحداث أدوات تمويل الطاقة المستدامة بما في ذلك تمويل الكربون مع نهاية عام 2013، ثم  العمل في الأجل الطويل على إنشاء صندوق إقليمي لوضع وتنفيذ مشاريع الطاقة المستدامة([ii]).

وكثيراً ما توفِّر تحسينات كفاءة الطاقة أفضل الحلول من حيث فعالية التكاليف من أجل  التصدي لتحدي الإتاحة حيث تقدِّم بديلاً أقل كلفة بالنسبة لإنشاء قدرة جديدة من أجل التوليد.

فكّر عالمياً وتصرّفْ إقليمياً: إنشاء مركز الإيكواس للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة

اضطلعت الإيكواس بدور ريادي في إنشاء إطار إقليمي للطاقة المستدامة في أفريقيا جنوبي الصحراء. وقد تم إنجاز الكثير في هذا الشأن من أجل توفير التوجيه والدعم للدول الأعضاء في سبيل اعتماد واستحداث أسواق للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.

ومن الخطوات العملية ما تمثَّل في إنشاء مركز الإيكواس للطاقة الجديدة وكفاءة الطاقة، وهو المركز الإقليمي الأول الذي يولي تركيزاً محدَّداً على تكنولوجيات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في أفريقيا جنوبي الصحراء. ويعمل المركز على نشر ودعم إنشاء وتوسيع أسواق الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في منطقة الإيكواس. وقد أنشأت الإيكواس المركز المذكور بدعم من حكومتي النمسا وإسبانيا، وإضافة إلى دعم تقني من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) في عام 2010. وتستضيف جزر الرأس الأخضر هذا المركز باعتبارها البلد الذي يضم أكبر نصيب من إنتاج الطاقة المتجددة. ويتمثل أكثر الأهداف طموحاً في التوصل إلى نسبة 100 في المائة من الطاقة المتجددة بحلول عام 2020. ويهدف المركز إلى إيجاد الظروف الإطارية المواتية وإلى خلق بيئة تمكين لأسواق الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة من خلال دعم الأنشطة الموجَّهة نحو تخفيف الحواجز القائمة ضمن نطاق الإطار التكنولوجي والمالي والاقتصادي والتجاري والقانوني والسياساتي والمؤسسي والمعرفي وإطار بناء القدرات.

ومنذ إنشائه، فقد انشغل المركز بوضع وتنفيذ البرامج الرئيسية في هذا الصدد. وباعتباره مَعْلماً رئيسياً في هذا المجال، فقد وضع المركز سياسة الإيكواس في مجال الطاقة المتجددة وسياسة الإيكواس في مجال كفاءة الطاقة. وكلتا الوثيقتين تم اعتمادهما من جانب رؤساء دول وحكومات الإيكواس في عام 2012. وهما ترسمان أهدافاً واضحة، كما تقدمان مساهمة قوية من جانب الإيكواس إلى مبادرة الطاقة المستدامة للجميع. وقد كُلف المركز بتنفيذ السياسات، وتم تعيينه من جانب سلطات الإيكواس للعمل باعتباره جهة الاتصال بشأن المبادرة في المنطقة. وعلى مدار السنوات القليلة القادمة سوف يقوم المركز بتيسير ورصد تنفيذ السياسات الإقليمية سواء على الصعيد الوطني أو فيما بين بلدان الإيكواس. كما دعمَّ المركز الدول الأعضاء في وضع خارطة طريق إقليمية وخطط عمل وطنية في مجال الطاقة المتجددة، إضافة إلى خطط عمل وطنية في مجال كفاءة الطاقة، فضلاً عن خطط عمل وطنية ومرتبطة بمبادرة الطاقة المستدامة للجميع. وقد انطلقت جميعها من تصوّر يطمح إلى تحقيق أهداف السياسات الوطنية والهدف 7 للتنمية المستدامة الذي يرد ضمن أهداف مبادرة حصول الجميع على الطاقة المستدامة.

ولمساعدة الدول الأعضاء على الوصول إلى تلك الأهداف، وزيادة فرص الإتاحة للطاقة المستدامة، يعكف المركز على تنفيذ عدد من البرامج الرئيسية التي تتراوح ما بين وضع السياسات واللوائح إلى تيسير أنشطة إعداد المشاريع بقصد أن تتحرك المشاريع الواعدة إلى حيث تقترب من إمكانات التمويل المصرفي. كما أن بناء القدرات يشكِّل واحداً من الأنشطة الرئيسية التي يوفرها المركز ويستهدف عدداً كبيراً ومتنوعاً من الأطراف صاحبة المصلحة بما يؤدي إلى تعزيز الوعي وتحسين نوعية المنشآت ودعم الآليات وعمليات وضع السياسة. أما البرامج الرئيسية التي نفذها المركز فتشمل برنامج كهربة الريف، وبرنامج الإيكواس في مجال الطاقة الكهرومائية الصغيرة الحجم، وبرنامج الإيكواس بالنسبة للطاقة الحرارية الشمسية، ومحالفة غرب أفريقيا للطهي النظيف، وسياسة الإيكواس في مجال كفاءة الطاقة ثم برنامج الإيكواس بشأن تعميم المنظور الجنساني في مجال الحصول على الطاقة.

أما الدعم المقدَّم إلى المركز من جانب منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية فقد استمرت أهميته منذ إقراره، وما زال يتسم بالأهمية أيضاً من حيث القيام بدور الوسيط الحفاز من أجل زيادة الاستثمارات في التماس حلول الطاقة النظيفة، ودعم أُطر السياسات التي تستهدف خلق بيئة تمكين، وضمان التمويل المطلوب بما يكفل زيادة الدخول إلى أسواق الطاقة المتجددة والطاقة الكفؤة وتكنولوجيات الكربون المنخفض التي تدعم النمو الصناعي المستدام.

وقد ذاع نجاح المركز في أنحاء العالم. وبدعم من حكومة النمسا وغيرها من الشركاء تعمل اليونيدو حالياً على إيجاد مراكز إقليمية مماثلة في الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي، وفي جماعة شرق أفريقيا، وفي مناطق البحر الكاريبي والمحيط الهادئ وغيرها من المناطق. وتقدِّم اليونيدو المساعدة التقنية الأساسية لإنشاء وتشغيل هذه المراكز الإقليمية (مركز الإيكواس يمثل حالة بارزة في هذا الخصوص) أما منهاج الشبكة العالمية للمراكز الإقليمية للطاقة المستدامة فتتيح مظلة تغطي الأنشطة المنفَّذة بين المراكز على أساس العلاقة فيما بين بلدان الجنوب. وتستجيب المراكز إلى الحاجة الماسّة لزيادة التعاون الإقليمي وإتاحة التكامل والدعم المستمر للأنشطة الوطنية في مجالات السياسة، وتنمية القدرات ودعم إدارة المعارف وتعزيز الوعي فضلاً عن دعم الاستثمار والأعمال التجارية. وهناك تفاهم مشترك على أن بعض الحواجز ”الناعمة“ بالنسبة إلى الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة يمكن التصدي لها بصورة أكثر فعالية وبكلفة أقل من خلال النُهج والمنهجيات الإقليمية.

تسخير الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة لأغراض الاستخدام المنتج

توفير الطاقة وحده ليس بالأمر الكافي لانتشال البشر من وهدة الفقر. ومن ثم فمن الأمور الجوهرية أن يتم تجاوز الاحتياجات الأساسية من الطاقة من أجل تمكين الفقراء ولا سيما النساء باستخدام الطاقة الحديثة، وبطرق تفيدهم وتفيد مجتمعاتهم على السواء. كما أن التزويد بالطاقة المستدامة لأغراض الاستخدام المنتج يعني ضمان الإتاحة للطاقة الحديثة فيما يتجاوز الخدمات الأساسية وبما يؤدي للمساهمة في إيجاد فرص العمالة المنصفة والدخل الإضافي والإتاحة الأفضل للتعليم والرعاية الصحية فضلاً عن تحسين المستويات المعيشية. أما الاستخدام الفعال للطاقة في أغراض توليد الدخل فيمكن أن يساعد على زيادة الإنتاجية والإيرادات ومن ثم على كفالة الاستقرار المالي لنُظم الطاقة المستدامة خارج وداخل الشبكات على السواء. وفي نهاية المطاف فإن الاستخدام المنتج للطاقة يسهم مباشرة في التنمية البشرية الشاملة والمستدامة وفي الحد من الفقر. وقد قامت بلدان الإيكواس بتنفيذ عدد من البرامج من أجل التركيز على القطاعات المنتجة وخاصة تلك المدعومة من جانب مرفق البيئة العالمية.

وفي إطار سرعة المتابعة لجهود القضاء على الفقر، تقوم منطقة الإيكواس كذلك بالتشديد على تنمية صناعاتها بطريقة شاملة ومستدامة. فالصناعات الخضراء والنمو الأخضر يوضحان أن الطاقة المستدامة هي طاقة التقدم البشري، ما بين توليد فرص العمل إلى التنافسية الصناعية، وما بين دعم الأمن إلى تمكين المرأة. وهناك إمكانية واسعة النطاق من أجل استخدام الطاقة المتجددة في الاستخدامات الصناعية وخاصة في المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم.

إطلاق الإمكانيات غير المستخدمة من أجل الحلول اللامركزية

لأن هناك نسبة 8 في المائة فقط من سكان الأرياف لمنطقة الإيكواس ممن يتاح لهم سُبل الحصول على الكهرباء، فلسوف يكون من التحديات الكبيرة العمل على تقديم هذه الخدمة بصورة شاملة بحلول عام 2030. وكثيراً ما يُنظر إلى توسيع نطاق الشبكات باعتباره حلاً مفضَّلاً بالنسبة لهدف الكهربة. ومع ذلك فلأن نسبة 75 في المائة من السكان الذين يفتقرون إلى الكهربة يعيشون في المناطق الريفية، وغالباً في المناطق النائية، فإن توسيع الشبكات في المستقبل القريب لا يزال أمراً غير واقعي من الناحية الاقتصادية.

ويتضح هذا بصورة خاصة في سياق النمو السكاني السريع. وفي كثير من البلدان التي لا تضم سوى عددٍ قليل من السكان يتضح هذا الأمر في المناطق الريفية وبين صفوف المستويات المتوسطة الدخل. على أنه تُبذل جهود مضنية لتوسيع نطاق الشبكات لكي تشمل المناطق الريفية حتى ولو كان ذلك ينطوي على زيادة في التكاليف التي يتطلبها استخدام عملية إنتاج الكهرباء خارج الشبكات في المناطق النائية، حيث أن حالة ”خارج الشبكات“ في هذا السياق تعني الشبكات الصغيرة بالنسبة إلى المدن الصغرى والمتوسطة والقرى وكذلك الشبكات القائمة بذاتها من أجل المناطق القصيّة.

ولقد عمدت سياسة الطاقة المتجددة في الإيكواس إلى رسم هدف يتمثل في إنشاء 000 60 من الشبكات الصغيرة و2.6 مليون من النُظم القائمة بذاتها عبر المنطقة بحلول عام 2020 وبكلفة إجمالية تصل إلى 13.6 بليون يورو من أجل خدمة 71.4 مليون نسمة. أما برنامج كهربة الريف في الإيكواس، الذي يجري تنفيذه بواسطة مركز الإيكواس للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، فلسوف يدعم بلوغ هذا الهدف، حيث أن الشبكات المذكورة أعلاه ستزوَّد بالطاقة في معظمها بواسطة الخلايا الشمسية والطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والكتلة الإحيائية والمحروقات الإحيائية والنُظم المختلطة بالبنزين. وتشمل النُظم القائمة بذاتها تركيبة تجمع ما بين الشبكات الشمسية المنزلية والبيكوشمسية. وينصّب تركيز واضح على إتاحة الاستخدامات المنتجة من الكهرباء باعتبارها خدمات أساسية وبما يجعل عملية الكهربة متاحة من الناحية المالية ومفيدة من الناحية الاقتصادية بالنسبة لسكان الأرياف. وبالاقتران مع برنامج طموح لتوسيع الشبكات، يظل من المتوقع أن توضع الإيكواس على المسار الذي يوصل إلى تحقيق تعميم إتاحة الكهرباء بحلول عام 2030.

نظرة جنسانية على خطة الطاقة

المرأة لا تتسم فقط بالأهمية باعتبارها من المستخدمين النهائيين للطاقة. فالنساء مثقلات أيضاً وبصورة غير متناسبة بعبء جلب الطاقة من مصادرها. وهناك حاجة لتعزيز الحصول على الطاقة النظيفة والميسورة الثمن من خلال التصدي المباشر لتلبية الاحتياجات المتباينة من الطاقة، إضافة إلى الشواغل التي تساور النساء والرجال في هذا الخصوص مع المُضيّ قدماً إلى تحقيق مساواة الجنسين والتنمية المستدامة.

على أن تحدي اللامساواة بين الجنسين في قطاع الطاقة يرتبط ارتباطاً قوياً بغياب الاعتبار الجنساني في عملية التخطيط. ومن أجل تخطي هذه الحواجز، أطلق مركز الإيكواس السالف الذكر برنامجه بشأن تعميم المنظور الجنساني في مجال إتاحة الطاقة. ولضمان أن تساهم المرأة، أسوة بالرجل، في تنمية الطاقة النظيفة والإفادة منها، فإن البرنامج المذكور ينفّذ أنشطة موجَّهة إلى دعم المرأة من الناحية الاقتصادية من خلال تحسين إتاحة الطاقة لصالح الأنشطة المدرّة للدخل. والأهم من ذلك فمن أجل تمكين النساء باعتبارهن من الفعاليات الناشطة في قطاع الطاقة المستدامة، أقرّت الإيكواس، في شهر حزيران/يونيه 2015 أول سياسة إقليمية في مجال نوع الجنس والطاقة على مستوى العالم.

 

          ([i])        الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، تقرير الإيكواس بشأن حالة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة 2014 (شبكة سياسة الطاقة المتجددة للقرن الحادي والعشرين، باريس، 2014)، ص 145. متاح من http://ren21.net/Portals/0/documents/activities/Regional%20Reports/ECOWA....

          ([ii])       المرجع نفسه.