أثرت العولمة على الناس والمجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم، كما أثرت تأثيرا كبيرا على التنمية المستدامة. وبفضل التغيرات السريعة في التكنولوجيا وزيادة تنقل السلع والخدمات ورأس المال والعمالة، فقد غيّرت العولمة خلال العقود الماضية الاقتصادات والمجتمعات والبيئة الطبيعية، وجعلت عالمنا أكثر ترابطا من أي وقت مضى.

وقد وفرت هذه الاتجاهات ثروة من الفرص، حيث رافقت العولمة وزيادة الترابط الاقتصادي -وسهلت- النمو الاقتصادي السريع في العديد من البلدان والمناطق، مما ساعد الناتج المحلي الإجمالي العالمي على النمو من حوالي 50 تريليون دولار عام 2000 إلى 75 تريليون دولار عام 2016. إلا أن العولمة أوجدت في المقابل تحديات كبيرة، بما في ذلك التوزيع غير المتكافئ لفوائدها وتكاليفها.


"من أجل تسخير العولمة لدعم النمو الاقتصادي الشامل والتنمية المستدامة، من الضروري تحليل النظام الحالي والاتجاهات الناشئة لوضع حلول سياساتية تعالجها"، قال ليو تشن مين، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، في معرض تقديمه لتقرير الأمين العام الجديد المعنون "الوفاء بوعد العولمة: النهوض بالتنمية المستدامة في عالم مترابط".


وفي كلمته أمام اللجنة الثانية للجمعية العامة في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2017، سلط السيد ليو الضوء على ثلاثة اتجاهات كبرى تتعلق بالعولمة، وهي: "التحولات في أسواق الإنتاج والعمل؛ والتقدم السريع في التكنولوجيا؛ وتغير المناخ". ومن المتوقع أن تحدد هذه الاتجاهات معالم مستقبلنا وتؤثر فيه.


ويشير الاتجاه الكبير الأول إلى أثر التغيرات في الإنتاج على أسواق العمل، بطرق منها التعهيد والميكنة، التي أدت إلى فقدان الوظائف، لاسيما في قطاع الصناعات التحويلية. وترتبط هذه الاتجاهات التي تشهدها أسواق العمل بارتفاع التفاوت في مستويات الدخل، وتفاقم هذا التفاوت في غالبية البلدان حول العالم.


ويرتبط الاتجاه الكبير الثاني ارتباطا وثيقا بالاتجاه الأول، من حيث صلته بالتطور والتقدم السريعين في التكنولوجيات الجديدة، بما في ذلك المعلومات والاتصالات والذكاء الاصطناعي، التي أثرت أيضا على قطاع العمل. وفي حين أن هذه الابتكارات يمكن أن تكون عاملا محفزا للتنمية المستدامة، إلا أنها قد تجعل البلدان التي لا تستطيع الوصول إليها تتخلف عن الركب.


وتعد العولمة وتأثيرها على تغير المناخ ثالث هذه الاتجاهات الكبرى. ويبرز التقرير أن العديد من الاتجاهات المرتبطة ارتباطا وثيقا بالعولمة، بما في ذلك النشاط الاقتصادي وتغيير نمط الحياة والتمدن، تؤثر كلها على بيئتنا ويمكن أن تسهم في تغير المناخ.


"يؤكد تقرير الأمين العام بأن العولمة قد تكون دافعا قويا للنمو الاقتصادي. غير أنه لتحقيق التنمية المستدامة، ينبغي أن تخدم العولمة الجميع"، قال السيد ليو، مؤكدا أيضا "أن الاتفاقيات العالمية يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في تعزيز فوائد العولمة ".