28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023

بينما يحتفل العالم باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، تنخرط الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في لحظة من التأمل وإعادة تكريس الجهود لأجل قضية السلام. يأتي الاحتفال وسط تصاعد للعنف في إسرائيل وغزة لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث. ولم يؤد ذلك إلى مقتل الآلاف فحسب، بل أدى أيضاً إلى تشريد أكثر من 1.7 ملايين شخص في غزة وحدها. وتؤكد مثل هذه الأحداث المأساوية الحاجة الملحة لإيجاد حل سلمي للصراع، وهو موضوع ظل لفترة طويلة واحداً من أخطر التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي.

يحمل تاريخ 29 تشرين الثاني/ نوفمبر أهمية تاريخية، إذ يصادف الذكرى السنوية لاعتماد الجمعية العامة للقرار 181 (د-2) في عام 1947، الذي حدد إنهاء الانتداب على فلسطين وتقسيمها إلى دولتين - إحداهما دولة يهودية والأخرى دولة عربية - مع اعتبار القدس كياناً مميزاً يخضع للحكم الدولي. لم يتم تأسيس الدولة العربية حتى الآن. وعلى الرغم من مرور ستة وسبعين عاماً، يشوبها صراع متكرر، فإن التطلع إلى إقامة دولة فلسطينية وتحقيق السلام في الشرق الأوسط لا يزال قائماً.

وفي هذا اليوم المهيب، يجتمع المجتمع الدولي، بقيادة اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، بوصفها الهيئة المكلفة من قِبل الجمعية العامة، للتعبير عن التضامن العميق. يتيح الاجتماع الخاص للجنة فرصة للدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والمجتمع المدني لتبادل رسائل التضامن مع الشعب الفلسطيني. وتنظم مناسبات مماثلة في مكاتب الأمم المتحدة في جنيف ونيروبي وفيينا، وكذلك في مكاتب الأمم المتحدة القُطرية الأخرى في جميع أنحاء العالم. وفي هذا العام، من شأن مظاهرات التضامن هذه أن يتردد صداها مع دعوة عاجلة لوقف الأعمال العدائية، وإنهاء احتلال الأرض الفلسطينية، وإطلاق سراح جميع الرهائن والأشخاص المحتجزين تعسفاً، وإعادة الانخراط في حوار يمكن أن يرسي أسس السلام المستدام ويفضي إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.

 السفير شيخ نيانغ (الثاني من اليسار)، رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف والممثل الدائم للسنغال لدى الأمم المتحدة، يترأس اجتماعاً للجنة في 30 آب/ أغسطس 2023. UN Photo/Manuel Elías

لقد كان إنشاء اللجنة من قِبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1975 استجابة مباشرة للقلق الدولي المتزايد بشأن الصراع الذي طال أمده وعدم القدرة على تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
 وتؤكد ولايتها مجدداً الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في تقرير المصير والاستقلال الوطني والسيادة، وفي عودة الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها.

ومنذ ذلك الحين، كانت اللجنة في طليعة الجهات التي تعمل على ضمان التعريف بمحنة الشعب الفلسطيني وحقوقه وإبلاغها بوضوح إلى الدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة ووسائل الإعلام. وهذه المهمة محورية ليس فقط لإعلام الجمهور العالمي، ولكن أيضاً لحشد الدعم لحماية حقوق الشعب الفلسطيني وكرامته وأمنه من خلال حل عادل ودائم للصراع. ويعد الاحتفال بيوم التضامن حدثاً رئيسياً في هذا الصدد.

يتضمن جدول أعمال يوم التضامن هذا العام أيضاً افتتاح معرض "فلسطين - أرض وشعب"، الذي يسجل التاريخ المروع للنكبة. شهد هذا الحدث التاريخي الذي وقع في عام 1948 والسنوات التي تلت ذلك تهجير وسلب أكثر من نصف السكان الفلسطينيين، وهو وضع لا يزال مستمراً من خلال أزمات لاجئين دائمة. واليوم، تواجه غزة تهديدات بنكبة جديدة، ويجب أن نعمل بلا كلل لمنعها.

وفي ضوء الصراع المستمر في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، أصبح دور اللجنة في المساعدة على إعلام الرأي العام بقضية فلسطين أكثر أهمية. وفي خضم المعلومات الخاطئة والمضللة، بما في ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، من الأهمية بمكان أن تظل التقارير واقعية ودقيقة وحساسة لتعقيدات الوضع.

وفي هذا اليوم الدولي للتضامن، تقف اللجنة متحدة مع الدول الأعضاء، التي لا تتزعزع في تعهدها بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني. وندعو الجميع إلى تجاوز المعاناة والأهوال التي يتعرض لها المدنيون بسبب الصراع الحالي في غزة، وإعادة تأكيد التزامنا الجماعي بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. فلنتابع بقوة متجددة حل الدولتين الذي دعت إليه أعداد لا تحصى من قرارات الأمم المتحدة كوسيلة لدعم السلام والعدالة والأمن والحرية لجميع شعوب المنطقة.

وتبرز جهود اللجنة الحاجة إلى الدعم المستمر للشعب الفلسطيني. إن مساعدة المواطنين العالميين المطلعين والمتعاطفين أمر حاسم لتنمية التضامن الدولي الذي يحتاجه صانعو السلام والعاملون في المجال الإنساني لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط. وهو يذكر الجميع بأن السعي إلى السلام يتجاوز الاتفاقات السياسية وخطوط وقف إطلاق النار. إنه يتعلق بالاعتراف بالإنسانية المشتركة والعمل بلا كلل لضمان أن تتمكن الأجيال القادمة من العيش في عالم لا تكون فيه الكرامة والأمن مجرد تطلعات بل حقائق للشعب الفلسطيني ولكل شخص يعيش في المنطقة.

وفي هذا اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، تدعو اللجنة الجميع إلى إحياء روح القرار 181 (د-2) ليس كتذكير بالانقسام، بل كرمز للأمل في مستقبل يمكن فيه لدولتين، إسرائيل وفلسطين، أن تعيشا جنباً إلى جنب في وئام وسلام وأمن.

وقائع الأمم المتحدة ليست سجلاً رسمياً. إنها تتشرف باستضافة كبار مسؤولي الأمم المتحدة وكذلك المساهمين البارزين من خارج منظومة الأمم المتحدة الذين لا تعبر آراءهم بالضرورة عن آراء الأمم المتحدة. وبالمثل، الحدود والأسماء المعروضة والتسميات المستخدمة في الخرائط أو المقالات، لا تعني بالضرورة موافقة أو قبول من قِبل الأمم المتحدة.