اجتمع ممثلو خمسون دولة في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية، في الفترة ما بين 25 نيسان/أبريل و 26 حزيران/يونيه 1945 في مؤتمر الأمم المتحدة حول التنظيم الدولي. ومن خلال العمل على مقترحات دومبارتون أوكس واتفاقية يالطا والتعديلات التي اقترحتها الحكومات المختلفة، وافق المؤتمر على ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية الجديدة.
دُعيت 46 أمة — بمن فيها الدول الراعية الأربع — إلى مؤتمر سان فرانسيسكو لاجتماع الدول التي أعلنت الحرب على ألمانيا واليابان والتزمت بإعلان الأمم المتحدة،كانت بولندا واحدة من تلك الأمم التي لم تحضر لإن إعلان تشكيل الحكومة جاء متأخرا عن المؤتمر. ولذا بقي مكان توقيع بولندا شاغرا بوصفها أحد الأمم الموقعة لإعلان الأمم المتحدة. وفي أثناء المؤتمر لم تكن هناك حكومة بولندية معترف بها رسميا، إلا أن الحكومة أُعلنت في 28 حزيران/يونيه ومن ثم وقعت بولندا الميثاق — لتصبح بذلك دولة من الدول الأعضاء الأصلية — في 15 تشرين الأول/أكتوبر 1945.ودعى المؤتمر أربع دول هي جمهورية بييلوروسيا الاشتراكية السوفياتية وجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية والدولتين حديثتا التحرر الدانمرك والأرجنتين، وبذا اجتمع ممثلو 50 دولة في مؤتمر سان فرانسيسكو في نيسان/أبريل 1945.
فيلم وثائقي عن مؤتمر سان فرانسيسكو والتوقيع على ميثاق الأمم المتحدة
أربع لجان وأربع مفوضيات
تم تنظيم أعمال مؤتمر سان فرانسيسكو على النحو التالي. كانت أعلى هيئة في الاجتماع العام للمؤتمر، المسؤول عن التصويت النهائي واعتماد النص. ودون اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﻌﺎم ﺗﻢ إﻧﺸﺎء أرﺑﻊ لجان هي:
- اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺎت واﻹﺟﺮاءات؛
- اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ، اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ 14 وﻓﺪاً (هي وﻓﻮد اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷرﺑﻊ اﻟﺮاﻋﻴﺔ وﻋﺸﺮة أﻋﻀﺎء ﻳﻨﺘﺨﺒﻮن ﺑﺼﻮرة مشتركة)، ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺘﻮﺟﻴﻬﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻋﺪاد اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت ﻟﻜﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ؛
- ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ، اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء ﻓﻨﻴﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻮﻓﻮد اﻷرﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ، واﻟﺘﻲ ﺗﻮﻟﺖ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ، وﺗﺴﺎﻋدها هي ﻟﺠﻨﺔ اﺳﺘﺸﺎرﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻮﻗﻴﻴﻦ؛
- ﻟﺠﻨﺔ وﺛﺎﺋﻖ اﻟﺘﻔﻮﻳﺾ، اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﻣﻤﺜﻠﻴﻦ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ وﻓﻮد، وﻣﻬﻤﺘﻬﺎ هي اﻟﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ وﺛﺎﺋﻖ ﺗﻔﻮﻳﺾ اﻟﻤﻨﺪوﺑﻴﻦ.
اجتماع اللجنة التوجيهية في 10 أيار/مايو 1945 في سان فرانسيسكو. طاولة المركز، من اليسار إلى اليمين: Bitwoded Mekonnen Endalkachew، إثيوبيا؛ كاميلو بونس إنريكيز، إكوادور؛ ومستشار. صور الأمم المتحدة / Eastman
ودون هذا المستوى، وزعت دراسة أهم القضايا المقرر تسويتها بين أربع لجان عامة، تولت تنسيق أعمال اثنتى عشرة لجنة فنية، مكلفة بإعداد مقترحات الصياغة؛ وكان يمكنللجان الفنية عند الضرورة أن تعين لجاناً فرعية. ونظمت الأعمال على النحو التالي:
- اللجنة الأولى (الأحكام العامة) التي تولت تنسيق أعمال اللجنة الفنية 1 (الديباجة والمقاصد والمبادئ) واللجنة الفنية 2 (العضوية والتعديلات والأمانة العامة)؛
- اللجنة الثانية (الجمعية العامة) والتي تولت تنسيق أعمال اللجنة الفنية 1 (الهيكل والإجراءات) ، واللجنة الفنية 2 (المهام السياسية والأمنية) ، واللجنة الفنية 3 (التعاون الاقتصادي والاجتماعي)، واللجنة الفنية 4 (نظام الوصاية)؛
- اللجنة الثالثة (مجلس الأمن) ، التي تولت تنسيق أعمال اللجنة الفنية 1(الهيكل والإجراءات)، اللجنة الفنية 2 (التسوية السلمية)، واللجنة الفنية 3 (ترتيبات الإنفاذ)، واللجنة الفنية 4 (الترتيبات الإقليمية)؛
- اللجنة الرابعة (التنظيم القضائي) التي تولت تنسيق أعمال اللجنة الفنية 1(محكمة العدل الدولية)، واللجنة الفنية 2 (المشاآل القانونية).
وكانت للمؤتمرأمانة عامة تولت الإدارة العامة له. وبجانب هذا الهيكل الرسمي، عقدت مشاورات غير رسمية بين الوفود، أبرزها بين الدول الرئيسية الخمس في المؤتمر (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد السوفياتي والصين وفرنسا). وقد نظر في المؤتمر في أكثر من خمسة آلاف وثيقة: ونشر تجميع للوثائق الرئيسية بعنوان وثائق مؤتمر الأمم المتحدة بشأن المنظمة الدولية، سان فرانسيسكو، المجلدات من الأول إلى العشرين، 1945-1954.
واعتمد ميثاق الأمم المتحدة بالإجماع في نهاية المؤتمر، مع النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، الذي يشكل جزءًا لا يتجزأ من الميثاق، وذك في 25 حزيران/يونيه 1945 بدار أوبرا سان فرانسيسكو، وتم التوقيع عليه في اليوم التالي بقاعة احتفالات مسرح هيربست بالمبنى التذكاري للمحاربين القدماء. ودخل حيز التنفيذ في 24 تشرين الأول/ أكتوبر 1945، وفقا للفقرة 3 من المادة 110 منه، في أعقاب إيداع صكوك تصديق الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن وأغلبية مجموع الموقعين الآخرين.
المندوبين والموظفين بالآلاف
بلغ عدد الحاضرين 3500 فردا هم اجمالي أعضاء الوفود (850 عضوا) ومستشاريهم وموظفيهم وموظفي أمانة المؤتمر نفسها، فضلا عن 2500 فردا من الصحافيين ومراسلي وكالات الإذاعة والمراقبين من جمعيات ومنظمات أخرى عدة. ولذا فمؤتمر سان فرانسيسكو لم يكنن واحدا من أهم الفعاليات التاريخية وحسب، بل لعله كان أكبر تجمع دولي عُقد طرا. وتداول رؤساء وفود الدول الراعية رئاسة الاجتماعات العامة، ومنهم: أنثوني إيدن (بريطانيا) وإدوارد استيتينيوس (الولايات المتحدة) وتي في سونغ (الصين) وفياتشيسلاف مولوتوف (الاتحاد السوفياتي). وفي الاجتماعات التي تلت، ناب اللورد هاليفاكس عن السيد إيدن، وناب في كي ويلينغتون كو عن السيد سونغ، والسيد غروميكو عن السيد مولوتوف.
كانت الاجتماعات العامة تلك هي المراحل الأخيرة في تلك المؤتمرات، ذلك أن القدر الأكبر من العمل أنجزته اللجان التحضيرية حيث عملت بجد على التصويت على المقترحات قبيل تقديمها للاجتماع العام. وكانت عملية التصويت في مؤتمر سان فرانسيسكو مهمة جدا، حيث لزم أن تصويت الثلثين بقبول كل جزء من أجزاء الميثاق.وكانت هذه هي السبيل التي سلكها مؤتمر سان فرانسيسكو في إنجاز عمله الضخم في شهرين بالتمام والكمال.
كلاسيكيات إذاعة الأمم المتحدة | استمع إلى تسجيل برنامج "يوم عظيم " في اليوم الذي وقع فيه ميثاق الأمم المتحدة في 26 حزيران/يونيه 1945.
الموافقة على الميثاق
لم يكن توقيع الميثاق هو إعلان نشوء الأمم المتحدة، حيث كان على مجالس الشعوب والبرلمانات في بعض البلدان الموافقة عليه. ولذا دخل الميثاق حيز التنفيذ عندما أودعت حكومات الصين وفرنسا وبريطانيا العظمى والاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة وأغلبية الدول الموقعة مذكرة تصدقيها على الميثاق لدى وزارة خارجية الولايات المتحدة. وتحقق ذلك الشرط بحلول 24 تشرين الأول/أكتوبر 1945 فخرجت الأمم المتحدة إلى حيز الوجود في ما عُدّ تجسيدا لعمل أربع سنوات وأمل امتد لسنين طويلة لإنشاء منظمة دولية تنهي الحرب وتعزز السلم والعدالة والعيش الكريم للإنسانية جمعاء.
كلاسيكيات إذاعة الأمم المتحدة | استمع إلى الممثل البريطاني السير لورانس أوليفر يتلو قراءته لديباجة ميثاق الأمم المتحدة الذي وُقّع في 26 حزيران/يونيه 1945. الموسيقى من تأليف الملحن الأمريكي آرون كوبلان.